ليس جديدا علينا أن ترتكب إسرائيل مجزرة ضد المواطنين العزل الذين يعبرون عن أشواقهم للعودة إلي ديارهم وأراضيهم التي طردوا منها بقوة السلاح. هؤلاء ليسوا إرهابيين. لم يحملوا حتي سلاح المقاومة المشروعة. وإنما حملوا لافتات ومفاتيح الدور التي أخرجوا منها. كانوا يغنون أهازيجهم التي تؤكد حق العودة مشبعة بحنين الإنسان الطبيعي إلي مسقط رأسه. لكن جنود إسرائيل لا يحتملون سماع هذه الأهازيج. ولا يحتملون رؤية الشباب الفلسطيني وهو يرقص الدبكة الشامية. فكان الرد الطبيعي المنتظر من العصابة الإرهابية الصهيونية إطلاق الرصاص الحي علي هؤلاء العزل .
وليس غريبا ولا مفاجئا أن تدافع أمريكا بكل قوة عن هذا الإرهاب الصهيوني. وتقف سدا منيعا بقوة الفيتو لمنع أي قرار دولي يدين العدوان الإسرائيلي علي المدنيين. أمريكا هي المورد الرئيسي للسلاح الذي تستخدمه إسرائيل في القتل والتدمير. وأمريكا هي التي تقدم الدعم والحماية للبلطجة الإسرائيلية في مواجهة الإجماع الدولي .
ليس جديدا ولا غريبا ولا مفاجئا. إسرائيل وأمريكا هما العدو الحقيقي والرئيسي لفلسطين ولمصر ولكل العرب والمسلمين. والمؤامرات ضد بلادنا ومقدساتنا لم تتوقف في يوم من الأيام. ومصر علي وجه التحديد واجهت الكثير والكثير من هذه المؤامرات والجرائم الخسيسة. ولا يمكن أن ننسي مجزرة بحر البقر التي ارتكبتها إسرائيل بدعم أمريكي في مثل هذه الأيام منذ حوالي 48 عاما .
هذه المجزرة كانت واحدة من عشرات الجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبتها إسرائيل بحق مدنيين عزل. ففي صبيحة يوم الأربعاء 8 أبريل عام 1970 قصفت طائرات الفانتوم الإسرائيلية. الأمريكية الصنع. مدرسة بحر البقر الابتدائية المشتركة التي تقع في مركز الحسينية بمحافظة الشرقية بخمس قنابل وصاروخين مما أدي إلي استشهاد نحو 30 طفلا وإصابة أكثر من 50 آخرين بجروح وإصابات بالغة .
كانت المدرسة المكونة من طابق واحد تضم حوالي 150 طفلا وطفلة في ثلاثة فصول لكن إسرائيل تعمدت قصفها في إطار تصعيد الغارات علي الأهداف المدنية في مصر لإجبارها علي إنهاء حرب الاستنزاف والقبول بمبادرة روجرز للسلام. وكعادتها في خلط الحقائق زعمت أمام العالم أنها قصفت أهدافا عسكرية وليس مدرسة. لكن مصر نجحت آنذاك في كشف هذا الكذب المفضوح. وعرضت صورا للأطفال الذين استشهدوا علي مقاعدهم الدراسية والدم البريء يسيل علي ملابسهم وكتبهم وكراريسهم .
في تلك الفترة غنت شادية أغنيتها الباكية "الدرس انتهي لموا الكراريس" التي كتبها مبدعنا صلاح جاهين لتخليد المجزرة البشعة في الوجدان المصري حتي لا ننسي خسة ونذالة وجبن عدونا الحقيقي .
وكلما ارتكبت إسرائيل مجازر جديدة في حق إخوتنا الفلسطينيين أيقظت مارد الغضب في نفوسنا. وذكرتنا بأن عداوتها لا يمكن أن تتحول إلي صداقة. وللأسف فإن الضمير العالمي يعجز في كل مرة عن اتخاذ الموقف الرادع لهذه الهمجية الصهيونية. ويثبت أنه يكيل بمكيالين بسبب أمريكا. صديقتنا اللدودة .