د . خالد عباس
جدوى الاستثمارات في قطاع النقل
يعتبر قطاع النقل عنصرًا مهمًا في الاقتصاد، حيث يؤثر فى التنمية ورفاهية المواطنين، وتبين التجارب العالمية أن النقل هو أحد أهم المحفزات اللازمة لتعزيز التنمية، وفي العديد من البلدان يسهم قطاع النقل بنسب تتراوح ما بين 6٪ و13٪ من الناتج المحلي الإجمالي.
وقد عانى قطاع النقل في مصر وعلى مدى أعوام من محدودية في الاستثمارات إلا أنه في الآونة الأخيرة شهدت مصر طفرة كبيرة في استثمارات النقل عموما والطرق خصوصًا سواء داخل أو خارج المدن، وتستهدف هذه الاستثمارات بشكل أساسي تطوير وإعادة هيكلة قطاع النقل وإحداث تأثيرات محفزة للأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.
حيث من المتوقع أن تسهم هذه الاستثمارات في الارتقاء بمنظومة النقل لتكون أكثر كفاءة وفعالية، مما يتيح الوصول إلى مناطق جديدة، ويعظم فرص انتقال المواطنين بيسر وسلامة وموثوقية، ويرشد من تكاليف نقل المواد الخام والمنتجات إلى الأسواق، ويحفز الصناعات ويوفر فرص العمل ويساعد على إعادة توطين الأفراد.
أيضًا من المتعارف عليه أن جودة منظومة النقل تشكل أحد مكونات جودة الخدمات السياحية وتسهم في اجتذاب السياح، كما توجد منافع اقتصادية مباشرة لمشاريع النقل تتمثل في أحداث وفورات تقدر بالمليارات على مدى عمر تلك المشروعات، وتنتج هذه الوفورات من التقليل في أزمنة الرحلات للركاب والبضائع وانخفاض في تكاليف التشغيل لأساطيل النقل بأنواعها وانخفاض التأثيرات البيئية وانخفاض معدلات الحوادث والوفيات والارتقاء بالسلامة لمركبات الركاب والبضائع.
كما يؤدى الاستثمار في البنية الأساسية للنقل في فتح مناطق جديدة للتنمية وزيادة في قيمة أسعار الأرض، ومن المتعارف عليه أن الأراضي المجاورة أو التي تخدمها خدمات النقل الجيدة ترتفع قيمتها بسبب المنفعة التي تمنحها منظومة النقل للعديد من أنشطة استخدامات الأراضي المتاخمة، وأخيرًا وليس آخرًا فإن قطاع النقل هو أحد القطاعات الرئيسية التي تسهم في تكوين رأس المال الثابت من حيث البنية التحتية والمرافق مثل شبكات الطرق والسكك الحديدية والموانئ والمراكز اللوجستية والمحطات، إلخ.
والتحدي الذي يطرح نفسه هو كيف يمكن الاستمرار في توفير حجم كبير من الاستثمارات بشكل مستدام في قطاع النقل، هذا يتوافق مع مفهوم الاستدامة الاقتصادية والمالية، والذي يتطلب استخدام الموارد بكفاءة في هذا القطاع والحفاظ على الأصول بشكل صحيح واستحداث طرق تمويل غير تقليدية بالشراكة مع القطاع الخاص.
كما يجب أن تحقق هذه الاستثمارات أكبر تحسن ممكن في نوعية الحياة العامة، وذلك من خلال تفاعل التخطيط لاستخدامات الأراضي مع التخطيط للنقل لضمان استخدام أكبر لوسائل النقل الجماعي وتلبية احتياجات محدودي الدخل من منظومة النقل.