وحي القلم
نعيش حياتنا في اختبارات يومية تصل إلي حد أن تكون مفصلية، في مراحل وأوقات لا تقبل غير مواقف محددة حادة حازمة. فيها يتخذ الإنسان مواقف تجعله يحترم نفسه وعلي فترات يتجدد احترامك لنفسك.. وفي هذا وذاك تمر حياتنا وتنتهي أعمارنا.. وإما ان نترك بصمة أو نمر كأننا لم نعش في هذه الدنيا.. والمهم في حياتنا ان نحترم أنفسنا أمام أنفسنا.. ومهما حاول الإنسان أن يظهر بصورة محترمة أمام الناس سواء كانت هذه الصورة مرسومة مزيفة أو حقيقية.. فتظل الذات هي صاحبة الحق في العقاب..
يتجرد الإنسان يوميا من كل ما يحيط به في نهاية اليوم.. واما أن يحترم نفسه أمام مرآته الذاتية.. أو ينكسر ويخزي أو يكسر هذه المرآة فيموت ضميره.
هنا تختفي علامات الحياة علي الإنسان.. وطبعا ينتهي احترامه لنفسه.. وينتظر احترام الآخرين له بشروطهم وضوابطهم التي اختار ان تحركه وتحكم عليه.. وعندها يكون الإنسان فقد سلطانه علي نفسه واختار سلطان الآخرين عليه بحثا عن أي مكسب زائل من مال أو منصب أو أي شيء وجد فيه انه أكبر من احترامه لذاته.. يا عظمة ما دفعه من ثمن تحول فيه من ان يكون حرا طليقا إلي سجين لا يملك مفتاح سراحه.
الإنسان الذي يفقد احترامه لذاته لا يعني أنه حي يعيش.. فقد اتخذ من مظاهر الأكل والشرب أسلوبا للحياة يحيا حياة الانعام.. يحيي بمظاهر بيولوجية.. واختار ان يموت اكلينيكيا.. ولن يبقي منه سوي أشياء يشترك فيها مع باقي الأحياء. يعيش مثل الحيوانات - حتي الحيوانات الأليفة فهي تتميز بالوفاء لأصحابها - وبالطبع النباتات أفضل منه.. فالزهور كائنات رقيقة تشع بالحياة والألوان المبهجة التي تدخل الفرحة علي المرضي وتعتبر رمزا ورسولا بين المحبين.
فإذا كنت تشعر بآلام من حولك.. وتمتلك قلبا مرهفا مثل أفئدة الطير فأنت حي.. وإذا نظرت في المرآة ستجد الشخص الذي تحترمه.. وإذا رفضت مغريات تفقدك احترامك لنفسك.. فأنت حي.. لأنك رفضت ان تقتل احترامك لنفسك.. وإذا كانت المغريات عظيمة.. فأنت رفضت ثمنا باهظاً ويزداد احترامك وثقتك بنفسك.
أما إذا تنازلت أو انزلقت رجلك في دوامة فقدك لاحترامك لنفسك.. فيا عزيزي ستمر بمراحل تظهر عليك فيها سلسلة من الأعراض.. وتبدأ مراحل الصراع النفسي.. فمثلا تقل فترات نومك.. فتنازلاتك تطير النوم من عينك.. وتلجأ للمنوم أو المخدر الذي يفصلك عن تأنيب ضميرك.. وفي حالات أخري تلجأ للهروب بزيادة فترات النوم حتي لا تري ذلك الشخص اليقظ الذي يفسد عليك ما تحصلت عليه من مكاسب زائلة فقدت من أجلها احترامك لنفسك.
هذه المرحلة من الصراع من الممكن أن ترجعك إلي مسارك الصحيح في حفاظك علي احترامك لنفسك واستعادتك لتوازنك.. أو تستسلم لحياة الجحيم التي تعيش فيها بشخصيتين.. الأولي بالنهار وسط التنازلات والعالم الزائف والأخري بالليل، حيث ضميرك ينتظرك علي وسادتك يضرب فيك بكل قوة حتي تستيقظ في الصباح عبوس الوجه لديك من الصداع ما تحتار معه كل المسكنات.. ويا سلام لو اشتدت حالتك فإن غضب الله عليك ستصبه علي كل من حولك لتنفس عن نفسك..
وهنا تدرك أنك وصلت للانهيار واعتلت صحتك.. هذا بالنسبة للأشخاص الذين لديهم ضمير ويحرصون علي احترام ذاتهم لسنوات طويلة أو متوسطة من أعمارهم.. فعند تقديم الاستثناءات يعيشون هذه المراحل المفزعة التي من الممكن أن يرجعوا عنها في حالات إلهية وقدرية.. ويعود المعدن الأصيل إلي مساره الصحيح.
أما أصحاب القلوب الميتة والضمائر المعدومة.. فإنهم يعيشون طوال الوقت يرفعون شعار »أبيع نفسي» ولا يبالون بأي شيء أو ثمن.. نومهم عميق وجلدهم سميك.. هم من يعرضون خدماتهم وتنازلاتهم ويتمنون اليوم الذي يتم فيه قبول أوراق اعتمادهم ليقدموا خدماتهم وكلمة احترم نفسي يساويها أمور أخري أهمها هكذا احترم نفسي مادمت أحصل علي الثمن.
وسيظل دائما اختيارك لطريقة احترامك لنفسك هو الحاكم لكل تصرفاتك.. فلا تتصور أنك تستطيع ان تهرب من نفسك طوال الوقت.. حتي إذا وأدت ضميرك فستأتي عليك أوقات يكون ضميرك أداة إلهية يسخرها الله عليك لتعاقب نفسك وتجلد ذاتك.. فأين ستهرب منها؟ فكل نفس بما كسبت رهينة.