محمد السيد عيد
العراق بعد 15 عاماً من الغزو
الوصل والفصل
منذ خمسة عشر عاماً، قامت الولايات المتحدة وحلفاؤها بغزو العراق. وقدمت وقتئذ اتهامات خطيرة تبرر بها الغزو، وتظهر من خلالها بمظهر أخلاقي. الاتهام الأول الذي قدمته الولايات المتحدة هو : امتلاك العراق للسلاح النووي، وأن امتلاك صدام لهذا السلاح يهدد العالم كله. ولا أدري لماذا يكون السلاح النووي خطراً حين يمتلكه صدام ولا يكون خطراً حين تمتلكه إسرائيل ؟ المهم أن الدول الحليفة لأمريكا تعامت عن هذا، وشاركتها الغزو، وبعد الغزو اتضح أن أمريكا كاذبة، وأن صدام لم تكن لديه أسلحة نووية.
السبب الثاني الذي بررت به أمريكا غزوها كان : دعم صدام للإرهاب، وتعني بالإرهاب هنا تنظيم القاعدة، وبعد الغزو قالت أمريكا إن الاتهام كان خاطئاً. والحقيقة أن أمريكا احتلت العراق لأسباب أخري غير التي أعلنتها، منها مثلاً أن العراق جعل ميزان التسليح يميل لأول مرة لصالح العرب في مواجهة إسرائيل، ومنها رغبتها هي في الحصول علي البترول العراقي هي وحلفاؤها برخص التراب، ومنها وقف مشاريع التنمية في العراق، ونهب الثروات العراقية. وإتاحة الفرصة لإيران لكي تفرض الخوف علي دول الخليج حتي تضطر هذه الدول للاحتماء بأمريكا وغيرها من دول الغرب.
ووصفت أمريكا صدام حسين ضمن حملة الكراهية ضده بأنه يقتل شعبه، وبعد الغزو رأينا كيف كانت هي أكثر وحشية من ألف صدام. واكتشفنا أن من قتلهم صدام لايمكن أن يصلوا لواحد من مائة ممن قتلوا علي يد الأمريكان وحلفائهم، أومن قتلوا خلال أعمال العنف المستمرة إلي اليوم. وقالت أمريكا في حملة خداعها للعالم إنها ستجعل من العراق نموذجاً للديمقراطية يحتذي، وللأسف لم نجد شيئاً من هذا.
وقام بريمر، أول حاكم أمريكي بعد الغزو، بإعلان حل الدولة العراقية، وترتبت علي هذا فوضي لاحد لها، لكن أخطر نتائج الغزو هو : تعرض العراق للانقسام علي يد الأكراد، وانتشار الطائفية ( شيعة / سنة )، وانتشار الفساد في مرافق الدولة، وسيطرة داعش علي أجزاء كبيرة من البلاد، وضياع الأرواح والأموال في سبيل استعادة الأرض من يدها. وخضوع القرار العراقي لنفوذ إيران.
إنه لم يكن غزواً، بل خراباً، لذلك أدعو العراقيين لمقاضاة أمريكا، ومطالبتها بالتعويض عن كل الخسائر التي تسبب فيها الغزو، وأدعو العرب لكي ينتبهوا لأن أمريكا تريد أن تجعل من سوريا عراقاً آخر.