الأخبار
نوال مصطفى
مسرح العبث في سوريا
حبر علي ورق
تابعت بمزيد من الدهشة والشغف جلسة مجلس الأمن الطارئة التي انعقدت صباح الثلاثاء في نيويورك بناء علي طلب تسع من الدول الأعضاء. تحدث مندوب روسيا منتقدا بشدة دول الغرب التي تحمل بلاده كل أوزار ما يحدث في سوريا، وآخرها قتل الأطفال والمدنيين السوريين بالغازات الكيماوية فيما يعد انتهاكا لاتفاقيات حظر استخدام الأسلحة الكيماوية دوليا.
قال مندوب روسيا »إن هذا العداء وتلك الاتهامات التي تلقي جزافا من الغرب إنما هي تجسيد للكره الدفين الذي تحمله تلك الأنظمة لنظام بشار الأسد رغم أنه النظام الوحيد الذي يملك الشرعية في سوريا، وينسون أن هناك دولا عديدة قد دخلت الصراع المشتعل هناك منها إيران وتركيا وإسرائيل. كل منهم يتحرك وفقا لمصالحه وتوجهاته. وأضاف أن روسيا لم تتلطخ أياديها بدماء الضحايا في سوريا فهذا ضد مبادئها، ونظام بشار الأسد لا يعقل أن يكون هو الفاعل، ونظر إلي مندوبة بريطانيا نظرة ذات معني وقال »‬بريطانيا التي لا هم لها إلا اتهام روسيا بمساندة القتل وسفك الدماء في سوريا هي التي تساند الدول التي تقوم بذلك!»‬.
ثم جاءت كلمة مندوبة الولايات المتحدة الأمريكية حادة، وموجهة بشكل صريح وفج نحو الدور الروسي في حماية نظام الأسد الذي يقتل الأطفال والمدنيين في سوريا، وتتابعت كلمات مندوبي هولندا وبريطانيا تحمل نفس التوجه الغربي باعتبار أن ما حدث في غوطة دمشق الشرقية، ومدينة الدوما من استخدام للغازات السامة ضد السوريين هو جريمة دولية، المسئول عنها هو بشار الأسد ونظامه، ومعه حليفته روسيا. الغريب أنه عندما حانت اللحظة ليتكلم مندوب سوريا، انسحبت مندوبة أمريكا، وتبعها مندوبو الدول الغربية الواحد تلو الآخر.
كانت الجلسة الطارئة لمجلس الأمن في حالة انعقاد عندما تم قصف مطار »‬التيفور العسكري» بمحافظة حمص بوسط سوريا، نقلت وكالة الأنباء السورية (سانا) أن العدوان الإسرائيلي علي المطار تم بطائرات »‬إف - 15» وأعلنت وزارة الدفاع الروسية أيضا أن طائرتين حربيتين إسرائيليتين قصفتا المطار بثمانية صواريخ موجهة، ووصف وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف القصف بأنه »‬تطور خطير جدا». تلك الغارة أسفرت عن مقتل 14 عنصرا من القوات السورية والمسلحين الموالين لها، بينهم مقاتلون إيرانيون.
كانت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا قد توعدوا سوريا بـ»‬رد دولي قوي وشديد» علي هجوم يشتبه أنه كيماوي، وكان ذلك قبل قليل من اجتماع مجلس الأمن، لكن كل تلك الدول أنكرت صلتها بموضوع القصف الذي تعرض له المطار السوري. في الوقت نفسه صرح دونالد ترامب بأنه سيتخذ قرارات مهمة خلال اليومين القادمين، وقال »‬سنحدد ما إذا كانت روسيا أو سوريا أو إيران أو جميعها خلف هجوم دوما».
الموقف يوحي بتصعيد جديد وخطير في سوريا، تعددت الدول التي تعبث بمقدرات الدولة أو حطام الدولة، وتكاثرت الأصابع التي يشد كل منها خيطا من الخيوط في اتجاهه، أملا في الحصول علي أكبر الغنائم من الأرض اليباب.
هل تتكرر مأساة بغداد؟ هل تنهار الدولة السورية ونعلن وفاة دولة عربية أخري تضاف للسابقات؟! إن المشهد العبثي الذي شاهدته علي شاشة التليفزيون لمندوبي الدول الكبري، وكل منهم يشن هجوما عنيفا أشبه بـ»‬وصلة ردح» موجهة إلي سوريا وروسيا شيء يلفت الانتباه، خاصة أن أحدا منهم لم يذكر شيئا عن أدوار لدول أخري تعبث وتدمر في سوريا، مثل إيران وتركيا وإسرائيل.
لك الله يا سوريا، سوف تأتي منظمة حظر الكيماوي للتفتيش في دوما كما حدث من قبل في بغداد زورا وبهتانا، وثبت عكس كل ما ادعوا بعد خراب مالطا، أقصد »‬العراق»! يا رب انقذ سوريا وأشقاءنا السوريين من هذا الدمار المقيم.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف