الأهرام
د . نبيل أحمد حلمى
التعليم فى إطار التنمية المستدامة
لاشك أن أساس الاهتمام بالتنمية المستدامة أنها الهدف الأساسى للمرحلة المقبلة فى مصر، وهذا الهدف لابد أن يبدأ بالاهتمام بالتعليم بمختلف مراحله وأركانه، خاصة القائمين به من أساتذة وعاملين وأدوات التعلم وغيرها بهدف رفع قيمة المواطن المصرى وزرع الاهتمام والولاء لمصر ومستقبلها. واذا كنا جادين فى تحقيق التنمية المستدامة الشاملة فلابد ان نستفيد بتجارب الدول التى سبقتنا ونجحت فيها من خلال الاستعانه بروادها وخبرائها فى هذا المجال.

ولذلك فقد جاءت توجهات السيد الرئيس، خاصة فى لقائه مع وزير التعليم العالى والبحث العلمى بضرورة الاستعانة بالخبرة الأجنبية فى تطوير التعليم الجامعى وعدم السماح بافتتاح جامعات جديدة فى مصر إلا إذا كانت لديها توءمة مع أفضل 50 جامعة فى العالم، هى خطوة إيجابية لإيجاد جيل جديد يتفق مع التطور العلمى والتكنولوجى ويؤمن بأن العالم أصبح متقارباً ومكملاً لبعضه البعض، ولا بد من العمل لصالح الأجيال القادمة التى تكون مهمتها التفكير والبناء.

إن نجاح هذا الاتجاه المحمود لمستقبل مصر يجب ألا يكون مقصورا على الجامعات الخاصة بل لابد أن يشمل الجامعات الحكومية أيضا، وقد تكون الفكرة واردة ولكن فعلا من الأصلح أن نبدأ بالجامعات الخاصة الجديدة باعتبار أن شرط افتتاحها هو التوءمة ثم ننتقل خطوة بخطوة للجامعات الحكومية لتعديل مسارها بما يتفق مع التطور العلمى على المستوى الدولي، وهذا يعنى رفع مستوى الشباب فى العلم وما ينعكس على مزيد من التعلم الحديث لكى يتخرج شبابنا مؤهلا للعمل الحر أو الفنى أو غيره وأن يقوم بإتقان العمل وفقا للمعايير المحلية والدولية.

ولابد أن نشير الى أن هناك تخصصات وكليات حكومية قد استوفت المعايير الدولية، واعتقد أن تحقيق الأهداف التى أشار اليها السيد الرئيس لابد أن تعود إلى الاختلاط الدولى لأعضاء هيئة التدريس سواء بمزيد من المشاركة فى المؤتمرات الدولية سواء فى مصر أو خارجها او فى تبادل الأساتذة من خلال سفرالمصريين للخارج موفدين فى بعثات خارجية فى الجامعات المتميزة دوليا، وكذلك استقبال أساتذة من الجامعات الدولية للقاء أعضاء هيئة التدريس والطلاب وتبادل المعلومات والأبحاث المتقدمه فى العالم. ولتحقيق هذا لابد من ميزانية مناسبة تفى بهذا الهدف سواء كانت من ميزانية الدولة او من تنمية الموارد .

وإذا راجعنا اتجاه مصر فى الفترة الأخيرة ومحاولة اللحاق بالتنمية المستدامة 2020/2030 فان هذا ليس مقصورا على المؤسسات الاقتصادية فقط ،بل لا بد أن تكون هناك فى المجتمع كله ثقافة التنمية المستدامة، خاصة فى عالم يشهد فيه المنافسة واختلال موازين القوى وزيادة أنماط الاستهلاك وغيرها مما يؤثر على الحياة اليومية للأفراد.

ومنذ أن أطلقت اليونسكو برنامج العمل العالمى للتعليم من أجل التنمية المستدامة (2005/2014) واعتبرت «التدريب على القيادة فى مجال التعليم من أجل التنمية المستدامة» أحد مشروعات المنظمة الأساسية والذى يدعو إلى تكثيف أنشطة التعليم من أجل التنمية المستدامة سواء التقليدى او المهنى على جميع المستويات. ولذلك فقد تطور التعليم من خلال مدخل معاصر لدمج مفهوم التنمية المستدامة فى جميع العلوم بصفة عامة وفى علوم الإدارة بصفة خاصة، وأصبحت هى عنوان للأبحاث والدراسات فى الدوريات المحلية والدولية. وقد تمثل ذلك أيضاً فى تنامى تدريس «التسوق المستدام» على مستوى برنامج البكالوريوس والماجستير فى إدارة الأعمال ومنها جامعات متميزة فى الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا.

ومن ثم لا بد أن يكون الهدف الأساسى لتطوير التعليم والاستعانة بالخبرات الأجنبية هو دعم الخطط الوطنية للتنمية المستدامة لمواجهة التحديات العالمية الحالية والمستقبلية ،والتعليم لا بد أن يكون من أهدافه فى هذا المجال هو تغيير طريقة التفكير والعمل من التعلم بالتلقين الى التعلم بالتفكير للتنافس مع المجتمع الدولى وللوصول إلى موقعنا بين الجامعات الدولية المتقدمة وكذلك لتمنية القدرات الإبداعية العلمية لدى شبابنا، وليس فقط فى الجامعات ولكن أيضاً للقيادات والعاملين داخل مؤسسات الدولة على كل المستويات التنظيمية. ولذلك فإننا اليوم لا بد أن تكون هناك دراسات لتعليم وسائل الوصول إلى أهداف التنمية المستدامة على جميع المستويات التعليمية من خلال برامج توضح أهمية هذه الدراسات وأثرها على الأفراد والمجتمع وتنمية الدولة، وألا نكتفى بمجرد شعارات لم يتم التسويق لقبولها ولا لمعرفة معناها، ولكن لا بد أن تكون ثقافة مجتمع وطريقة حياة تراعى التقدم الدولى وفى نفس الوقت الثقافة المحلية، خاصة إذا اقتنع المجتمع من خلال المعرفة والتدريب إلى أن هذا يحقق صالح المجتمع والأفراد، ولابد أيضاً أن يكون واضحاً ما هى استراتيجية مصر للتنمية المستدامة 2030 وان يكون هناك هدف واضح لتحويلها إلى «ثقافة مجتمع».
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف