التحرير
أشرف السويسى
«كلام جرايد».. جريمة ببلاش
كنا زمان نقول فتش عن المرأة، والآن نقول فتش عن المال، خاصة في مجال البحث في فك لغز الجرائم، ولعل المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية قد يجد تفسيرا لما نقرأ، خاصة في نوعية جرائم قد يكون الدافع الظاهري لها هو البحث عن المال والمصحوب بحاجة الحصول على المخدرات، أي أن الدافع مزدوج وكذا الاحتياج أيضا، فالمال مطلوب لشراء المخدر، فأصبح المال غاية ووسيلة في آن، وحينما نبحث في دوافع ما نقرأه من جرائم علينا الارتكاز على مثل هذه الدوافع والمحددات، فها نحن الآن بصدد ثلاث حوادث تم نشرها بالصحف المصرية عن الأموال القليلة المخزية في رقمها، ونوع الجرائم التي تسببت فيها، خاصة أن بعضها يطال أقارب وذوي رحم وأصدقاء.. اللهم سترك وعفوك، ونسألك ربي ألا يتحول الأمر إلى "ظاهرة"..
فـ"الأخبار" نشرت خبرا عن رجل يعمل مبيض محارة فضل الجلوس في البيت ولا يريد العمل ليتكسب قوته، وحاولت معه زوجته مرارا وتكرارا أن تثنيه عن ذلك، وكأنه كان يريد التحول إلي بلطجي بشكل إرادي، ورغم أن المتهم البالغ من العمر 40 عاما (يعني مكتمل الرشد) وفي صحة جيدة تمكنه من الاستمرار في العمل، فإن الزوجة الوفية قررت مساعدته ببيع مصوغاتها، ثم تركها بعدما علم أن والدها يملك مبلغا من المال فذهب لسرقته، واضطر لقتله ليحصل على هذا المال، وهنا الاضطرار ليس اضطرارا بالمعنى التقليدي ولكن أن يلقي الإنسان نفسه في موارد التهلكة، سيضطر بعدها إلى جرائم أخرى مقترنة بجرائم بدأها من الأساس، وفي حالتنا هذه قتل مقترن بسرقة، فقد ضربه بشومة على رأسه فسقط "حماه" لافظا أنفاسه الأخيرة، وظل مبيض المحارة في يبحث عن المال الذي جاء من أجله، فلم يجد سوي 120 جنيها فأخذها وفر هاربا ليعود بها لمنزله مرة أخرى، وانكشف أمره وحولت أوراقه للمفتي لتكون جلسة الحكم النهائية في 6 مايو المقبل.
أما الجريمة الأخرى فهي من صديق في حق صديقه من أجل سبب ومبلغ لا يقل تفاهة عن المبلغ السابق، إن لم يقل عنه، فقد ذبح زميله بسبب الخلاف على ثمن الكوتشي، وكانت المباحث قد تلقت إخطارا بالعثور على جثة مجهولة الهوية داخل محل تحت الإنشاء بمنطقة السلام ثان، وبعد الفحص والمعاينة، وجدوا أن القتيل صديق حميم للقاتل، وتم ضبط الجاني واعترف بجريمته وبأنه تخلص منه بعدما أصبحت حياة صديقه في كفة، وثمن الكوتشي في الكفة الأخرى.. إلى هذا الحد تهون الأرواح مقابل هذه الدراهم القليلة الزهيدة؟!
وها هي زوجة جلست أيضا تفكر كيف تقلب زوجها الذي يعمل بالخليج في قرشين، فاتفقت مع اثنين من معارفها ليتصلا بزوجها في الخليج ويطلبا منه فدية مليون جنيه لإطلاق سراح طفله الذي هو ابنها في ذات الوقت، بعد أن قامت بتسليمه لأحد أقاربها وحررت محضرا رسميا بواقعة الاختفاء وتشكل فريق بحث جنائي، وكانت المفاجأة بعد تحرير الشرطة للطفل أنِ اتضح أن الحيلة التي لعبتها الأم كانت مدبرة بينها وبين أقاربها، واعترفت تفصيليا، وتولت النيابة التحقيق، وربما أصبحت هذه الجريمة التي ظاهرها جنائي، بينما باطنها اجتماعي هي الوحيدة من بين ما ذكرناه التي ضاع نقب من قاموا بها ليس فقط على شونة وإنما على "بورش" أيضا، والتي لم تحقق ولا حتى المبلغ التافه الذي تتم من أجله الجريمة، ولله الأمر، فكيف تحولت ملامح الجريمة إلى لوحة عبثية خاصة بعدما افتقدت المبرر أو الدافع القوي لها والذي عادة لا يبرر الجريمة وإنما كان مجرد باعث على القيام بها وكنا نقول إنها لا تفيد رغم الاستفادة، فما بالك وهي تتم دون استفادة أو مقابل مبلغ أو سبب تافه أو تتم بين أسرة واحدة أو بين أصدقاء.. ناقوس الخطر دق، فلننتبه جيدا قبل فوات الأوان والذي أعتقد أنه لم يفت بعد.





























































































تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف