نعم الباز
مصر البشر - عمر طاهر .. وصنايعية مصر
سعدت كثيرا بكتاب عمر طاهر عن »صنايعية مصر» وكلما شرعت في القراءة، كنت أتوقف أكثر من مرة قائلة: »كنت حأقول كده!» فإن كتابته عن الشخصيات التي اختارها، والتي أثرت فينا جميعا كمصريين، فكل شخصية من تلك الشخصيات لا نملك إلا أن ندعو لها استحسانا »الله.. الله».
وقد أثبت ولدنا عمر طاهر أنه أفضل منا جميعاً فقد نشأت علي رائحة الكولونيا ثلاث خمسات ولم يخل بيتنا منها أبداً ومع ذلك فاتني في مشواري الطويل مع الصحافة أن أكتب عن صاحبها المبدع حمزة الشبراويشي. أما عن الشيكولاتة كورونا فقد كنت أحبها وكان أولادي يحبونها وهم صغار، حتي أنني أخذتهم إلي المصنع في الإسكندرية في ستينيات القرن الماضي وشاهدنا مراحل صنع الشيكولاتة ومع ذلك، للأسف، لم أفكر يومها أن أحقق في نشأة هذا الصرح ولا في السؤال عمن أسسه. ولم يكتف عمر طاهر بالحديث عن الخواجة خريستو وإنجازاته في صناعة الشيكولاتة، بل تطرق للجانب الإنساني لهذا الرجل العظيم الذي كان يري أن العمال الذين يصنعون السعادة، أي الشيكولاتة يجب أن يكونوا هم أيضا سعداء ثم يحكي عن واقعة غاية في الرقة حين تصطدم الكرة برأس غزالة مما كانت ترعي حول المصنع والعمال يلعبون الكرة، فتموت الغزالة كورونا ويقرر الخواجة خريستو تخليدها بأن تكون رمزاً لمنتجات المصنع ثم يشيد تمثالا لها في مدخل المصنع. ينتقل بنا كتاب عمر طاهر إلي العديد من صنايعية مصر الذين صنعوا حضارة وثقافة مصر الحديثة، اختار من هؤلاء المهندس اليهودي المصري نعوم شبيب الذي قام بتصميم برج القاهرة الذي أراد عبدالناصر إنشاءه »بفلوس الأمريكان» كنوع من التحدي لهم أن مصر قادرة علي البناء منذ عهد الأهرامات وحتي العصر الحديث، وقد اختار موقع البرج في أرض الجزيرة علي النيل حتي يطل من عليائه ساخرا علي السفارة الأمريكية. وقد رأي جميع عباقرة الهندسة في مصر أن أرض الجزيرة لا تحتمل بناء بهذا الارتفاع ماعدا نعوم شبيب الذي صمم بئرا عميقة من الأسمنت لتحمل أساسات البرج العظيم ونجح في ذلك. أن الحديث عن كتاب صنايعية مصر لا يكفيه مقال واحد، لذا فأنا هنا، فقط، أشير إلي جمال الفكرة والطرح واقترح علي أبنائي وأحفادي من شباب مصر اقتناء هذا الكتاب والاستمتاع به للتعرف علي مصر الحضارة والثقافة والسبق والحداثة في وقت عزت فيه تلك الإنجازات براڤو عمر طاهر.. تفوقت علي أساتذتك.