بسيونى الحلوانى
لوجه الله الحكومة .. ومشكلات محدودي الدخل
رغم محاولات الوقيعة بين الدولة المصرية وغالبية مواطنيها الذين يمثلون فئة محدودي الدخل. والحملات التحريضية التي استهدفت استعداءهم علي الدولة خاصة قبيل الانتخابات الرئاسية والتي قامت بها قنوات فضائية مأجورة فضلا عن حملات التضليل عبر مواقع التواصل الاجتماعي.. إلا أن هؤلاء الشرفاء كانوا علي مستوي المسئولية وأكدوا أن المعاناة المعيشية لن تدفعهم يوما مهما كانت قسوتها الي الوقوف في صف أعداء الوطن أو الاستجابة للمحرضين المأجورين.. وخرج المصريون بالملايين الي صناديق الاقتراع يقفون في طوابير طويلة للرجال والنساء ليسجلوا شهادة وفاء وانتماء جديدة للوطن وليبعثوا برسالة واضحة لأشرار الداخل والخارج مفادها: لن تنجح مخططاتكم ولن نتخلي عن الوطن أيها الحمقي.
هذا الموقف الرائع لهذا الشعب الواعي يفرض علي الحكومة الآن أن تتحرك بكل فاعلية لتنفذ توجيهات الرئيس برفع المعاناة عن محدودي الدخل خاصة في ظل التوقعات بموجات غلاء جديدة خلال الشهور القادمة.. فهؤلاء لهم علي الحكومة حقوق والوفاء بها يحتاج الي جهود من كل المسئولين للوقوف علي المشكلات والتدخل فورا لمنع المزيد من الأزمات.
نعم.. نحن في مرحلة إصلاح اقتصادي بدأت منذ شهور ومن الطبيعي أن يكون لها تداعيات اقتصادية واجتماعية علي معظم المصريين الكل يعلم ذلك والكل تحمل التبعات وصبر حبا في الوطن وحرصا علي الاصلاح وفشلت كل المؤامرات التي استهدفت رفع حدة الغضب داخل الفقراء ومحدودي الدخل.
والواقع أن تطبيق سياسة الاصلاح الاقتصادي لا يعني اهمال شكاوي المواطنين. بل يجب أن تبحث الحكومة عن حلول لتخفيف المعاناة عن محدودي الدخل الذين يمثلون الغالبية العظمي من المصريين خاصة في ظل الارتفاع التصاعدي في أسعار السلع الغذائية والخدمات الأساسية من كهرباء ومياه وغاز.. فضلا عن الخدمات الأخري من فواتير هواتف أرضية ومحمولة وانترنت وغير ذلك من الخدمات التي أصبحت جزءا من حياة المصريين.
****
محدودو الدخل موجودون في كل مكان حتي في أكثر الدول استقرارا من الناحية الاقتصادية. وقد ارتفعت أصواتهم بالشكوي في دول عديدة منها المملكة العربية السعودية بعد ارتفاع اسعار الوقود وبعض السلع الاستراتيجية فقرر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز منذ شهور قليلة منحهم إعانة غلاء لمدة عام حتي تستقر الأمور الاقتصادية في الدولة ويمكن للمجتمع السعودي امتصاص موجة الغلاء التي شكا منها محدودو الدخل.. وفي دولة الامارات العربية المتحدة تحدث أحد المواطنين منذ أيام عن معاناة محدودي الدخل عبر أثير الإذاعة وطالب الحكومة الامارتية بالتدخل واتخاذ اجراءات لرفع المعاناة عنهم وعندما استهان المذيع بكلام المواطن "علي المزروعي" وشكواه عوقب بالإيقاف من عمله رغم اعتذاره للمواطن وتقبيل رأسه. واستدعي الشيخ محمد بن راشد نائب رئيس الدولة ورئيس مجلس الوزراء المواطن الاماراتي واستمع إليه في مجلس الوزراء وعينه باحثا اجتماعيا لكي ينقل لكبار المسئولين في الامارات معاناة الفقراء ومحدودي الدخل.. كما أمر الشيخ بن راشد بحصر جميع محدودي الدخل وحل مشكلاتهم فورا.
من هنا يجب علي حكومتنا الرشيدة أن تستمع لمحدودي الدخل الذين يمثلون الغالبية العظمي من المصريين. وأن تكون شكاواهم ومعاناتهم علي مائدة من يتخذون القرارات الاقتصادية وأن تبحث الحكومة عن وسائل لتوصيل الدعم لمستحقيه ورفع المعاناة عن هؤلاء الذين يدبرون احتياجاتهم المعيشية اليومية ومطالب أولادهم بصعوبة.
****
التغطية علي المشكلات ورسم صورة وردية للمجتمع المصري لن يحل مشكلة بل سيضاعف حتما من المشكلات والأزمات. والحديث عن الانجازات التي تحققت علي ارض الواقع خلال السنوات الماضية مطلوب ومهم لطمأنة المصريين في الداخل والخارج بأن وضع الدولة الاقتصادي يتحسن الي الأفضل ولشحن بطارية المصريين للقيام بالمزيد من العمل والانتاج فواقعنا الاقتصادي لن يتحسن بالقروض. ولن تحل مشكلاتنا بالأمنيات والدعوات. لكن بالعمل والانتاج والسعي الجاد لحل المشكلات ووسائل الاعلام المختلفة عليها دور كبير في ذلك.
منذ ايام اتصل بي أحد الأصدقاء من محافظة البحيرة لينقل لي معاناة أسرة فقيرة في الحصول علي علاج لا يمكن الاستغناء عنه لابنتهم وشرح لي كيف تعاني الأسرة مع التأمين الصحي في مركز شبراخيت ثم دمنهور لكي تحصل علي هذا العلاج الذي لا يتجاوز ثمنه 200 جنيه شهريا دون جدوي.. ومثل هذه الحالة هناك الآف الحالات المرضية التي لا تزال تعاني للحصول علي العلاج اللازم رغم المليارات التي تنفق سنويا علي علاج الفقراء ومحدودي الدخل في مصر.
مشكلة بعض المسئولين في كل قطاعات الدولة أنهم يستهينون بمشكلات الناس وهمومهم اليومية وأصبح لديهم "مناعة" ضد هذه المشكلات وشكاوي المواطنين الذين تعودوا علي سماعها ومثل هؤلاء الموظفين يجب إقصاؤهم فورا عن التعامل مع الجماهير خاصة الفئات الفقيرة التي تعاني من مشكلات وأزمات وتجد صعوبة في الحصول علي استحقاقاتها من الدولة.
لا ينكر أحد أن الدولة تنفق المليارات سنويا لكي تحقق العدالة الاجتماعية وترفع المعاناة عن الفئة المطحونة.. لكن يجب أن نعترف في شجاعة بأن كثيرا من المواطنين يجدون صعوبة في الحصول علي حقوقهم بسبب بيروقراطية وسلبية بعض الموظفين الذين يتعاملون مع هموم ومشكلات الجماهير.
نحن في أمس الحاجة الي موظفين لديهم قدر كبير من الحس الانساني والاجتماعي للتعامل مع الموطنين الذين يحتاجون دوما الي رعاية الدولة.