يقول الحق سبحانه: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ" ويقول سبحانه: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً".
والتقوي عرفها الإمام علي بن أبي طالب "كرم الله وجهه" بأنها : الخوف من الجليل والعمل بالتنزيل والرضا بالقليل والاستعداد ليوم الرحيل والتقوي من "الوقاية" وسُمِّيَ المتقون متقين لأنهم اتقوا مالا يتقيه غيرهم وعن عطية بن عروة السعدي "رضي الله عنه" قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "لايبلغ العبد أن يكون من المتقين حتي يدع ما لا بأس به حذرا مما به بأس".
وقد كان الزهاد يتركون بعض الحلال مخافة أن تكون فيه شبهة حرام اتقاءً للشبهات . فكما قال النبي صلي الله عليه وسلم "إنَّ الحَلاَلَ بَيِّنى . وَإنَّ الحَرامَ بَيِّنى . وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبَهَاتى لاَ يَعْلَمُهُنَّ كَثيرى مِنَ النَّاسِ . فَمَنِ اتَّقَي الشُّبُهَاتِ . اسْتَبْرَأَ لِدِينهِ وَعِرْضِهِ . وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ في الحَرَامِ . كَالرَّاعِي يَرْعَي حَوْلَ الحِمَي يُوشِكُ أنْ يَرْتَعَ فِيهِ . ألاَ وَإنَّ لكُلّ مَلِكي حِمَيً . ألاَ وَإنَّ حِمَي اللهِ مَحَارِمُهُ . ألاَ وَإنَّ فِي الجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَت صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ . وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ . ألاَ وَهِيَ القَلْبُ" والتقوي والوقاية ترجعان لأصل لغوي واحد هو "وقي" فالتقوي وقاية من المعاصي من الدنيا ووقاية من عذاب الله يوم القيامة . حيث يقول الحق سبحانه: "وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ" ويقول عز وجل "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ" ويقول نبينا صلي الله عليه وسلم: "اتقوا النار ولو بشق تمرة" أي اجعلوا بينكم وبين النار وقاية ولو بشق تمرة.
وقد حفل القرآن الكريم بالعديد من بشارات المتقين في الدنيا والآخرة حيث يقول الحق سبحانه "وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَي اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءي قَدْرا" ويقول سبحانه : " وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرا" ويقول سبحانه: "أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفى عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ لَهُمُ الْبُشْرَي فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ".
ويقول سبحانه: "إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتي وَعُيُوني آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ" ويقول سبحانه "إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتي وَنَعِيمي" ويقول سبحانه: "انَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتي وَنَهَري فِي مَقْعَدِ صِدْقي عِندَ مَلِيكي مُّقْتَدِري" ويقول سبحانه "وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ" ويقول سبحانه "فَأَمَّا مَن أَعْطَي وَاتَّقَي وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَي فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَي".
والتقوي مع الأخذ بالأسباب أهم دعائم النصر الآمن حيث يقول سبحانه "وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطى" ويقول سبحانه: "وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْري وَأَنتُمْ أَذِلَّةى فَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَن يَكْفِيكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُم بِثَلاَثَةِ آلاَفي مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُنزَلِينَ بَلَي إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَـذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلافي مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُسَوِّمِينَ".
وهي سبيل تحقيق وتحقق العلم الرباني حيث يقول سبحانه "وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءي عَلِيمى" ويقول سبحانه "فَوَجَدَا عَبْداً مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً" وقد قالوا : "من عمل بما علم ورثه الله علم مالم يكن يعلم".
وهي سبيل إكرام الله للأبناء والأحفاد والذرية . حيث يقول الحق سبحانه "وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً".
والمتقون محاطون بمعية الله تعالي وحفظه . قال سبحانه: "وَلَا خَوْفى عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ" ويقول سبحانه "إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ" وهم أهل محبته حيث يقول الحق سبحانه: "انَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ" ويقول سبحانه: "فَمَنِ اتَّقَي وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفى عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ".
والجنة مآلهم وميراثهم حيث يقول الحق سبحانه: "تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيّاً" وعنپأبي هريرةپرضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلي الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة؟ فقال: "تقوي الله وحسن الخلق".