هل علمت يا من تقطع الليالى وتمخر عباب البحار ماهو الارتقاء؟ هل عرفت سر الكائنات وهى تتحول من صورة الى أخرى ومن هيئة الى شكل أجمل، وتتألق وتتبلور وتزدهر الى مقام أرقى فى الكون؟ هل عرفت يا سيدى - وكل اخ لى فى الكون سيدا لى بمحبته و علمه اذا أراد- ما هى حكمة التغيير وما سر الصيرورة؟ ولماذا نحتاج نحن كائنات الله فى الكون الى الثبات تارة والى التغيير الف تارة أخري؟ وهل علمت أعزك الله بحكمة الله من تبدلنا من حال الى حال. ومن كوننا مجبولين على طلب التنقل الى درجة أعلى. ليس نحن افضل من غيرنا إلا بالأمل فى الغد والايمان بحكمة العطاء. لن تعطينا الدنيا شيئا الا اذا اعطيناها دائما بما نجود ثم ننسى ما أعطينا. فيغمرنا الخالق بفضائله وانواره. يا الله على عظمة خلقنا هكذا فى هذا الكون الواسع. نحلم بلا حدود ونشتاق للمعجزات ونتألق فى فعل الخير. انا كغيرى روح تواقة للحكمة. نفس تريد ان تتعطر بالربيع. هل الربيع فأحببت ان يأتى بعد انتظار. جاء بكل فعل يشجعنى على الامل. جاء بألف زهرة وزهرة وبكل الالوان البديعة والروائح الغاسلة للارواح. جاء الربيع ليدفعنا جميعا ان نلعن البيات الشتوى ونخرج من كسلنا وأحيانا من اختباءنا ونمضى وراء الاحلام. نمضى وراء كل نية حسنة وكل أمل فى الغد. الربيع هو طريقى ونبراسى وراية ايامى القادمة. الربيع يبخر نفسى ويضعنى فى هيئة المنطلق ويجعلنى اصادق الفراشات واركب على أجنحتها لاكون جوادا اللتفاؤل وفارسا للانطلاق. ما احوجنا جميعا للربيع. لينظف كل الميكروبات التى تعلق بنا عنوة فى رحلة الحياة، ولتطرد كل التجارب السيئة التى نساق اليها رغم أنوفنا. ما احوج كل منا للربيع لكى يصبح كل منا شاعرا. اياك ان تعتقد ان الفنانين فقط هم الذين يحترفون الفن، فأنا على قناعة بان داخل كل انسان منا فنانا منذ طفولته. وإلا لماذا كل منا يتذوق الجمال بطريقته. وما الفن إلا منصات لتجلى الجمال ومصانع تعليب «الحلاوة». كلنا «حلوين» ونريد ان نستمتع بالحلاوة. والبعض منا قادر على انتاج تلك الحلاوة وذلك الجمال. الربيع مقصدى والوجهة التى ابذل الغالى والرخيص للوصول اليها. الربيع قلادتى أضعها على صدرى كأنى عضو فى كشافة اكتشاف الدنيا. خلق الله الربيع كبؤرة ضوء ومنبع نور بين فصول الدنيا. تختبئ الحيوانات وتصحو فى الرييع لتملأ الدنيا مرحا، وتنام النباتات فتستيقظ فى الربيع لتعطينا أجمل الثمار. ويضرب الله لنا الامثال وياليتنا نتعلم. على كل منا ان يبحث عن ربيعه. ومن لم يجد فعليه ان يخترع. لو لم تجدوا التفاؤل فاصنعوه. ارسموه فى كراسات الاطفال وانقشوه على أوانى الطعام وضعوه تميمة على جلودكم. طوال التاريخ كانت للربيع مكانة كبيرة فى تاريخ الشعوب. اكتشفوا مكانته وقدسوه. صنعوا منه اغانى وملاحم وأعيادا. صنعوا منه مسرحيات وتمائم وفرحا. اعطوه الوانا كل على حسب معنى اللون فى ثقافته. ورغم اختلاف تعامل البشر مع كل موضوعات الدنيا. الا أنهم توحدوا فى محبة الربيع. ربما كان دائما لدى الجميع مرتبط بالخير والنماء ونمو الثمار والولادة من جديد. الربيع هو القادر على لم الشمل وعلى جمعنا بمن نحب. ما أحوجنا للربيع كل فترة لا يهم متى يأتى ربيع كل منا، المهم الا ننسى ضرورته لحياتنا. إن ربيعنا لمنتظرنا، فهل احسنا به الظن، وهل اعددنا لاستقباله؟ اننا نحتاج دائما «لحماية» العيد. ليس الاغتسال بالماء ولكن الاغتسال بحسن الظن. نحتاج ان نحفر بئرا كل سنة لنروى الامل فى حياتنا. نحتاج ان نتعلم لماذا خلق الله الفصول. ولماذا ميز الربيع. يا الهى يا خالق كل صور الجمال فى الكون. يا مبتدع اللطائف و الروائع، لا تحرمنا من هذا الجزء الحى فى ارواحنا. اللهم لا تحرمنا من جمال الربيع.لا تملأ قلوبنا الا بروح الفرح بمعجزة الدنيا و بقيمة اخوتنا مع كل الكائنات. لقد طفت دائما فى هذه الدنيا لكى «كون مبشرا بالامل، فما وجدت أجمل من الربيع لاذكركم بمعنى المحبة. ان باقى زهورى وزهوركم لابد أن تكون دائما جاهزة. جاهزة للمنح والعطاء. جاهزة للحب دون مقابل. يا كل اشقاء الفرح فى هذا الكون، اتحدوا فى الربيع لاعلاء كلمتكم. واصنعوا للبشر الف الف ربيع. حتى لو كنا فى هذا الزمن الاليكترونى الغريب الذى نقضى فيه اوقاتا ضخمة فى العقل الالكترونى، سننشر الربيع حتى فى هذا الفضاء السيبرى. سنجعله صورا وبروفايل وكلمة سر وتريند. سنجعل الربيع هاشتاج، فالعمر قصير وليس لنا إلا الامل نبراسا وسبيلا.