الوفد
محمود غلاب
الصحة النفسية
الحالة العامة غير مطمئنة، عندنا ضمور فى الأخلاق، وأزمة فى الضمير، وارتباك فى المشاعر، وتبلد فى العواطف، وانخفاض فى المشاركة، وانهيار فى القيم، وضمور فى المبادئ، نتائج التحليل للمجتمع سيئة منذ ثورة 25 يناير، الصحة النفسية فى تناقص مستمر؛ محدش طابق حد، ومحدش طايق نفسه.
هذه الحالة غير السوية نجدها فى الشارع وفى العمل وفى المواصلات وفى البيوت، لم يقف التلميذ للمعلم ويوفه التبجيلا لأن المعلم وقف يتخانق مع التلميذ ندا لند ولم يتعامل المريض مع الطبيب على أنه ملاك رحمة، لأنه يفتش جيوبه وهو فى غرفة العمليات لسرقته، ولم يعد المهندس معنيًا، ولا المقاول أمينًا ولا المالك مضمونًا، ولا المستأجر مطمئنًا التسلسل الوظيفى أصبح ليس له قيمة، العامل يقول للوزير انت موظف زينا زيك، ومش أفضل مننا فى شىء، والمحافظ يضرب العامل بالقلم، والوزيرة تهدد العمال بالضرب بالشبشب، ثم تنكر والمسئولة الكبيرة تتهمها، وتقول شاهد عليها الحرس، والوزيرة تقول محصلش، واحدة منهما كاذبة والاثنتان لا تصلحان للاستمرار فى المنصب، فى جامعة إقليمية، استاذة بكلية الهندسة تشتبك بالضرب مع موظفة بنفس الكلية وتلقنان بعضهما علقة ساخنة، وتستعين أستاذة الهندسة بزوجها الأستاذ بكلية الطب، ويطارد الموظفة لأخذ حق زوجته، ويتم تخليصها من يده، ويقوم استاذ الطب باحداث إصابة بنفسه ليحصل علي تقرير طبى ليحبس الموظفة ثم يقوم رئيس الجامعة بوقف استاذة الهندسة ثلاثة أشهر. الأخلاق أصبحت علي المحك، لو قلت لواحد صباح الخير يرد عليك وانت مالك، ماذا حدث للمجتمع أين التسامح والتواد والتعاطف أين أخلاق القرية، وأين حق الجار الذى أوصانا عليه رسولنا الكريم، الذى قال إن جبريل عليه السلام أخذ يوصيه بالجار حتى ظن انه سيورثه، الجيران حاليًا يهادون بعضهم بالزبالة، كل واحد يلقى زبالته أمام منزل الآخر، وفى ثانية تدب الخناقات، ويظهر السلاح الأبيض.
أخلاق الحكومة أصبحت سيئة أيضًا تسرق المواطن، تفرض عليه رسومًا للنظافة علي فاتورة الكهرباء ولا تجمع الزبالة، وتفرض عليه رسومًا للتكييف فى القطارات ويكتشف الراكب أن التكييف عطلان، الحكومة تصدر القوانين والقرارات ولا تحترمها، رغم هذا الضباب هناك شعاع أمل للتغيير، رغم الفساد الذى ينخر فى جدار المصالح الحكومية، إلا أن هناك مهندسًا فى المحليات أثبت أن منبع الفساد ممكن ينسد وتتغير الصورة السيئة التي جعلته يحصل على أفشل مرفق فى الدولة، المحليات هى بيت الخبرة فى الفساد، وهى سبب الوجه الكالح والمشوه لمعظم المناطق السكنية، وهى المسئول الأول عن العشوائيات التي تفرخ العنف والإرهاب والأخلاق السيئة، المهندس أحمد الطحطاوى أعطانا صورة طيبة عن المحليات لم تحدث منذ نشأتها، هذا المهندس الشاب الذى يعمل فى حى العجوزة رفض مليون جنيه رشوة للتغاضى عن إقامة عمارة على أملاك الدولة بدون ترخيص فى حى العجوزة، هذا المبلغ كان سيحل مشاكل هذا الشاب، لكن ضميره اليقظ رفض المال الحرام، واثبت انه موظف شريف يؤدى واجبه مقابل مرتب يحصل عليه من الدولة، حتى ولو كان لا يكفى أسرته، هذا المهندس يستحق التكريم من الدولة، أعلم أن محافظ الجيزة قام بتكريمه ولكن يستحق أكثر من ذلك، هذا المهندس لم يعمل غير الواجب، عندما يعمل الإنسان العمل المفروض أن يقوم به ويتم شكره عليه يقول لا شكر على واجب، هذا المهندس نقطة ضوء فى بحر المحليات الملوث بالفساد، ونقطة بيضاء فى ثوبها الأسود لدينا فرصة لأن نستعيد أخلاقنا، ونزاهتنا، ويوقر فينا الصغير كبيرنا ويعطف الكبير على الصغير، هذا ممكن إذا بحثنا عن علاج لأمراض المجتمع، وطبقنا العدالة الاجتماعية، ووضعنا قواعد واضحة للمحاسبة والمساءلة والإثابة، والغينا الفوارق الاجتماعية، ووضعنا نظاما واضحا للترقى، وتولى الوظائف المهمة، وجعلنا المناصب لأهل الكفاءة وليس لأهل الثقة، وبحثنا عن الرجل المناسب للمكان المناسب، وابتعدنا عن الوظائف التفضيل، وطبقنا القانون على الكبير قبل الصغير، واتفقنا على أن هناك حقوقًا وواجبات، وقتها سنخلص من أمراض المجتمع، ونلحق بقطار الصحة النفسية.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف