الوفد
عباس الطرابيلى
طوابير.. الطرشي والقطايف!
رغم سيولة المرور ـ في القاهرة الكبري ـ في اليوم الأول من شهر رمضان، إلا أن مناطق معينة شهدت اختناقات مرورية عنيفة، تلك هي مناطق بيع الطرشي والحلويات!! تماماً كما تشهد مناطق أخري اختناقات مرورية عند باعة الفسيخ والرنجة قبيل عيد الفطر وشم النسيم.. وكأن هذه الاختناقات أصبحت سمة أساسية لحياتنا وبالذات في مواسم الأكل.. إيه الحكاية؟!
<< المصري يحرص علي شيئين علي مائدة رمضان. الأول هو مطبقية الطرشي التي لا بد منها علي مائدة الافطار.. ليه ياسيدي!! قالوا: علشان يفتح النفس والثاني هو أطباق حلوي رمضان وفي مقدمتها: الكنافة بكل أنواعها والقطايف.. ولقمة القاضي.. وأصابع زينب.. وكأن رمضان لا يصلح بدون هذين الأمرين..
والطرشي البلدي هو المقصود هنا. وهناك محال ـ أو معامل ـ تنشط في شهر رمضان، وان كانت تعمل طول العام.. ولكن رمضان و الطرشي لا يفترقان خصوصاً إذا جاء شهر الصوم في عز الصيف.. كما نحن الآن.. وقد برع بعض صناع الطرشي من حيث الصنعة.. أو التنوع. وحتي مياه الطرشي! وهو خليط من: اللفت. الجزر. الخيار. الزيتون. الكرنب. الفلفل، الليمون.
<< وهناك من يخلل أيضاً القرنبيط. والبروكلي. والخيار القش وخيار الصوب. ومياه الطرشي حسب الطلب. هناك مياه حارة يعني بالشطة أو مياه باردة أي فقط بالملح والخل.. وهناك من «يخلل» الآن بعض أنواع الفاكهة مثل المانجو. والكنتالوب.. والتمر المخلل.. ولقد أكلت كثيراً تلك المانجو المخللة الهندي الغارقة في الكاري والشطة وتوابل عديدة.. ولكم أن تتخيلوا نتائج ذلك، في صباح اليوم التالي..
وأنا بطبعي أعشق «الحدق العالي».يعني كل «مشطشط» سواء في الطرشي، أو مياه الطرشي.. لفتح النفس. وياسلام علي كوب من «ويسكي» السلطة، أو مياه الطرشي والأولي يضاف إليها مسحوق «جوزة الطيب» بكل مزاياها.. ومنها أيضاً: حارة.. وباردة.. أو من مياه مشكلة، أو مياه لفت فقط.. وهكذا.
<< وإذا كان سعر كيلو الطرشي الآن ـ من المحال النظيفة الشهيرة ـ هو 16 جنيهاَ ويباع إما في أكياس نايلون.. أو برطمانات زجاجية أو بلاستيك.. فإنني مازلت أحن إلي مطبقية الطرشي زمان في دمياط، وكان «اللفات» يعني من اللفت، هو أشهر صانع طرشي بدمياط من 70 سنة.. وكان يملأ لي المطبقية «السلطانية» كبيرة الحجم، بقرش صاغ، يملؤها بكل هذه الأنواع من المخللات مع الجرجير.. وورق الكرنب.. وكان يكثر من مياه الطرشي لأنه يعلم أنني سوف أشرب نصفها ـ وأنا في الطريق من محله إلي بيتنا!!
ولكن طرشجي هذا الزمان يخلل أيضاً الباذنجان. والخيار الاسكندراني بالشطة وخيار القش.. بجانب الفواكه..
<< وبسبب الزحام حول محال الطرشي تدخلت ادارات المرور ووضعت قوات عديدة لتنظيم الوقوف.. والوصول إلي الباعة.. وهو زحام يبدأ من بعد الظهر مباشرة ثم يزداد بعد العصر.. والقمة قبيل المغرب.. وكأن الصيام لا يصلح إلا بالطرشي!!
والسؤال: هل عشق المصري للطرشي راجع إلي أسباب صحية.. أم غذائية.. أم هي مجرد طقوس وعادات غذائية.. يعني هل هو بسبب فقد الجسم لكميات كبيرة من الأملاح، مع عرق الصيف.. أم لضبط إيقاع المعدة.. ولكن ماذا يفعل مرضي الضغط المرتفع والذي يزيده تناول الأملاح، وبالذات الطرشي.. ياسيدي: خير الأمور الوسط.. حتتين لفت مع حتة جزر وزيتونة ولا مانع من قرن فلفل شطة.. وكفاية كده مع ملعقتين مياه لفت!! وبس.
<< وكالعادة تسببت محال الحلوي الرمضانية ـ أيضاً ـ في زحمة المرور ولهذا تولت إدارات المرور تنظيم السير المتجه إلي هذه المحال.. لأن المصري يعتقد أنه لا رمضان بدون حلوي معينة، في مقدمتها الكنافة ـ ورحم الله معاوية بن أبي سفيان ـ أول من أكلها ـ وهي الآن متعددة الأشكال والألوان: محشوة بالكريمة كما كانت تبرع فيها والدتي أو بالمكسرات. والمانجو. والأناناس.. بلدي وعثمانلي.. عادة وبالآيس كريم ـ لزوم الصيف ـ صوابع أو مربعات.. وكل محل وبراعته..
أنا نفسي ـ أعشق كنافة الكريمة.. المحمرة، المقرمشة قليلة العسل.
<< والقطايف أيضاً من مسلتزمات رمضان. وحسب الحشو. أفضلها لدي بالكريمة أو بالجبن عديمة الملح.. وبعض المكسرات.. ولمرضي السكر أمثالي يكتفي ـ ياسيدي ـ بواحدة تحت ضغط الزوجة.. ناهيك عن أنواع القطايف بغير ذلك من فواكه.. وهناك من يعشق لقمة القاضي لولا كثرة عسلها. وأيضا بلح الشام، أو أصابع زينب.. ولكنني أحب أيضاً البغاشة، والدمياطية بالذات بالكريمة.. الطازة.. وكفاية عملا بنصيحة الأطباء الذين تكثر عندهم عبارات: ياسيدي تناول القليل أما الكثير فهو شديد الضرر..
<< ولكن من منا ينفذ تعليمات الطبيب أمام براعة الزوجات في صنع ما لذ وطاب.. وهذا سر الكرش المصري.. الشهير!!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف