الهام ابو الفتح
الضربة السورية.. متي ينتهي الدرس؟
استيقظنا فجر أمس علي ضربة ثلاثية من واشنطن ولندن وباريس لسوريا، وهي مسرحية هزلية تشبه ما حدث أيام ضرب العراق من اتهامات بحيازة أسلحة كيماوية وضرب للمدنيين بها، ثم تبين أنها مجرد افتراءات وتم الاعتذار عنها بعد تدمير العراق والقضاء علي الشعب العراقي وقتل الرئيس صدام حسين.. وتدمير تراث العراق العريق وآثار "الحضارة السومرية" أقدم المراكز الحضارية في تاريخ الإنسان، فبعد غزو واحتلال العراق عام 2003، تعرض المتحف العراقي الوطني في بغداد إلي أكبر عملية سرقة آثار في التاريخ، وتم سرقة آلاف القطع الأثرية وتهريبها إلي خارج البلاد ، وتدمير ما صعب حمله وهو نفس السيناريو اتهامات باستخدام كيماوي وتوجيه ضربة لسوريا لقتل بشار الأسد وتفكيك الدولة السورية ومحو حضارتها والقضاء علي آثارها وأهمها الجامع الأموي وآثار تدمر وقلعة الحصن وكنيسة بيت الدرة وغيرها من آثار لا تقدر بثمن ثم يتبين أنها افتراءات ويتم الاعتذار بعد تدمير الدولة والقضاء علي شعب بأكمله!
وإذا لاحظنا ما حدث خلال الأيام الماضية.. ورفع الجيش العلم السوري علي مدينة دوما، معلنة بسط سيطرتها علي آخر معاقل المعارضة المسلحة في الغوطة الشرقية لدمشق، بعد خروج قائد »جيش الاسلام» التي تدعمها قطر وتركيا والمرتبطة بالتنظيمات الإرهابية في المدينة وتسليم أسلحتهم الثقيلة، وانتشار قوات الشرطة العسكرية الروسية في أرجاء المدينة لبسط الأمن فيها وفرض القانون.
إذا وضعنا هذه التطورات في اعتبارنا قبل أن نشجب أو ندين نكتشف أن تبريرات الغرب وتغريدات ترامب ما هي إلا أسطوانة مكررة ومملة نشاهدها كلما قرر الغرب هدم دولة عربية وتقويض نظامها وسرقة تاريخها وتراثها وتدميرها.. وهم بارعون في توجيه الاتهامات والإسراع بتوجيه الضربات وهو استكمال للمحاولات المستميتة للقضاء علي بشار الأسد وتدمير البقية الباقية من بلاده والقضاء علي الجيش السوري.. والدليل هو رفض العديد من الأمريكان أنفسهم هذه الضربة التي أدانتها معظم المؤسسات الحقوقية واعتبرتها موجهة للشعب السوري ورفضها العديد من أعضاء الكونجرس وأكدوا أنها غير مشروعة وأن القرار تم اتخاذه دون موافقة الكونجرس.
ورغم دموع التماسيح والبكاء علي سوريا وأهلها الا أن الانفجارات في دمشق وحجم الدمار الذي خلفته تفضح حجم الحقد وقوة الضربة الثلاثية وكذب مزاعم العدوان الثلاثي، إنه نفس السيناريو ويتم بنفس الطريقة.. توافق وتحالف مع إنجلترا وفرنسا ومواجهات في دولة عربية جديدة وصمت عالمي علي انتهاك القانون الدولي! فقد اعتاد الغرب توجيه الاتهامات والضربات وقتل رؤساء دون أي واعز من ضمير إنساني أو قانون دولي.. وهو نفس ما حدث في العراق وليبيا واليمن.. قتل القذافي وعلي عبد الله صالح وللأسف يحدث ذلك وسط تأييد بعض الدول العربية.. كل الدول التي حدث بها ذلك " مقمتلهاش قومه " مرة أخري.. أين حقوق الإنسان والحرية والديمقراطية التي يتشدقون بها ليل نهار وهم يضربون دولا كاملة دون أي اعتبارات إنسانية أو مراعاة لأي حقوق مدنية.
والسؤال الذي يتكرر ويبقي بلا إجابة : من الذي أطلق الغاز وهل هو غاز كيماوي فعلاً أم غاز مسيل للدموع؟ وما هو الدليل علي أن الجيش السوري الوطني ضرب شعبه بغاز كيماوي؟ ولمصلحة من يتم إلصاق الاتهام ببشار الأسد والجيش السوري الصامد؟ ولماذا الصمت الأمريكي الغربي علي تحويل سوريا لمنطقة صراع دولي ولماذا يتركونها مرتعا لعصابات وتنظيمات الإرهاب من الدواعش والمرتزقة الأجانب؟
والسؤال الأغرب لماذا الإصرار علي التصعيد بضرب سوريا بعد ساعات قليلة من إعلان التهدئة؟
بالتأكيد الفائدة كبيرة جدا جدا للغرب فهو لا يتحرك ولا يضرب إلا إذا كان مستفيدا وفائدة لا يمكن حصرها والخسارة فادحة جدا جدا للعرب.. الذين يفقدون دولهم العربية الواحدة بعد الأخري ويتم قتل رؤسائها وسط شعوبهم.
الغرب يستهين دائما بذكاء العرب وعلينا أن نفهم اللعبة جيدا فقد تكرر الدرس كثيرا لكننا لا نتعلم.