لم يكن عزاء المهندس أيمن شردي، فقط لتوديع هذا المهندس الشاب.. ولكنه أيضاً كان وفاءً للأب العزيز مصطفي شردي، الذي كان أول رئيس تحرير لجريدة الوفد.
وقد تجمع الوفديون الأوفياء ليقدموا عزاءهم للأب الأكبر محمد مصطفي شردي ولشقيقه الثاني - إبراهيم شردي.. تماماً كما امتلأ القسم الآخر المخصص للسيدات عن آخره.. أيضا وفاءً منهم للوفد وللأسرة التي أعطت عمر عميدها للوفد حزباً وصحيفة.. وأيضا لتقديم العزاء للسيدة ثريا القصيفي، رفيقة درب ومشوار حياة زوجها الراحل مصطفي شردي. إذ لا يذكر تاريخ الوفد، هذه الجريدة، دون ذكر المؤسس الأكبر فؤاد باشا سراج الدين.. واسم رئيس التحرير الذي قاد المهمة، مصطفي شردي ومعه كوكبة من رفاقه.. زملاء الطريق.
<< كان العزاء- أمس الأول- تعبيراً عن الوفاء.. وتذكر كل جميل عندما كانت «الوفد» تحت قيادة شردي توزع مئات الملايين من النسخ أسبوعياً ثم يومياً. وكان ذلك عصرها الذهبي.
ومصطفي اسمه بالكامل وفدياً- في المقام الأول- مصطفي النحاس محمد شردي.. واسم أخيه الأكبر: زغلول محمد شردي.. إذ كان الأب محمد شردي عضواً بارزاً بلجنة الوفد في بورسعيد.. وكان مراسلاً لجريدة المصري «القديمة» هناك.. ولما توفي تولي ابنه مصطفي هذه المسئولية عنه.. فلما أغلقها عبدالناصر.. تلقفته دار أخبار اليوم وهو بعد يرتدي الشورت ليعمل في صحفها مراسلاً ثم مديراً لمكتبها في بورسعيد.
<< فعلاً كان مساء أمس الأول وفاءً للأب الراحل الغالي مصطفي.. ثم وداعاً لنجله المهندس أيمن، الذي رحل بعد معاناة من أزمة صحية طارئة لم تمهله إلا أياماً.
وفي العزاء تحول مسجد عمر مكرم إلي «مقر للوفديين».. بل ربما لم يلتق هؤلاء كما التقوا في عزاء ابن فارس الصحافة المعارضة.. وكانت ليلة وفدية جمعت أقطاب الحزب.. الذين تم إبعادهم - قهراً- أو فصلهم.. أو الذين صبروا وتحملوا الكثير، لأن الوفد ومبادئه تجري في عروقهم مجري الدم.
التقي الوفديون.. بل وسيدات الوفد، حتي أن منهن من جئن من الصعيد، جئن كلهن إيماناً منهن بأن الوفد يجب أن يستعيد مكانه ومكانته وأن يعود الحزب الأول في مصر، الذي ظل صامداً رغم كل ما حدث.
<< وفي عزاء المهندس أيمن شردي، رأيت وجوها وفدية لم أرها من سنوات، وكأن كل هؤلاء استغلوا تغيير قيادة الوفد لكي يتجمعوا ويلتقوا.. ويتناقشوا عما جري.. وعلي ما يجب أن يجري.
لقد كان العزاء: جمعية عمومية غير عادية لم يدعها أحد، تعبر عن الوفد الجديد.. وعن علاقاته الإنسانية.. ومبادئه وأفكاره الراسخة.
رحم الله المتوفي - المهندس أيمن- الذي جعل كل الوفديين يلتقون من جديد ليتذكروا والده الفارس مصطفي شردي..
<< وهذا هو الوفاء.. في عصر يقل فيه الوفاء.