الأخبار
محمد السعدنى
كلام مختلف في الحرب علي سوريا
كأنه مولد سنوي لايخلفون موعده، جاءوا حيث بطوننا الرخوة في نظام عربي هش ليضربوا سوريا بكل بلطجة وهمجية، تداعوا علي قصعتنا في العراق وليبيا واليمن وسوريا وفلسطين، ولم يردعهم أحد ولم يذد عن حياضنا إلا من رحم ربي من الصامدين والمرابطين. جاءوا في عدوان ثلاثي غاشم، من قوي العربدة والهيمنة، متخفين تحت دعاوي الإنسانية والأخلاق للدفاع عن حقوق المواطنة وحماية أطفال زعموا أن الأسد ضربهم بغاز السارين، جاءوا تحت ستار الدفاع عن المدنية وحقوق الإنسان، ووقفوا تحت فلاشات التصوير يعلنون إتمام المهمة في كامل الأناقة والسعادة، لقد فعلوا ذلك في أبريل العام الماضي في الشعيرات، ولئن غيروا بذلاتهم و»‬كرفتاتهم» هذه المرة، لكنهم أبداً لايستطيعون تغيير جلودهم، لقد جاءوا من متحف الاستعمار القديم، حيث قانون القوة وتسلط البوارج والصواريخ وحاملات الطائرات.ضربوا بكل حماقة وغباء مطار الشراعي في منطقة الديماس. وموقعاً في مدينة مصياف شمالي دمشق ومستودعات للجيش في منطقة شرق القلمون ومنطقة الكسوة وموقعاً في منطقة جبل قاسيون بالقرب من دمشق. أطلقوا مائة وثلاثين صاروخ أرض جو، وادعوا أنهم ضربوا معامل تحضير الأسلحة الكيماوية، ونسوا أنهم لو صدقوا لكان جرمهم أكبر من كل ادعاء، إذ ضرب معمل واحد لانتاج الأسلحة الكيماوية ينتج عنه انفجارات وغبار كيميائي في محيط كبير بالضرورة ستكون ضحاياه أكبر مما يعدون. ولأنهم إلي جانب إجرامهم كذبة مغرضون لم ينتظروا يوماً واحداً يعطون فيه الفرصة لمحققي منظمة حظر استخدام الأسلحة الكيميائية الذين وصلوا الغوطة بالفعل لإجراء تحقيقاتهم بدعوة من الحكومة السورية، التي لم تكن أبداً في حاجة لأن تستخدم أسلحة محرمة دولياً في »دوما» وهي منتصرة وقد طردت منها جحافل جيش الإسلام الإرهابيين والجيش السوري الذي يدعونه »‬حر» وهو مخلب قط في أيدي المخابرات الأمريكية لتحقيق أهدافهم في تقسيم سوريا وضرب مخزون القوة العربية الثانية بعد العراق. لماذا يستخدم الأسد أسلحة محرمة هو لايحتاجها وجيشه بمساعدة روسيا هزم داعش والنصرة وباقي فصائل الإرهاب المتأسلم والمدعوم صهيونياً وأمريكياً وعربياً.
لم تكن الضربة بقصد إنساني أو أخلاقي وإلا لكانوا اتبعوا قواعد القانون الدولي ومجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، وسمحوا بتحقيق مستقل. لقد جاءت الضربة الأمريكية البريطانية الفرنسية خارج كل القواعد القانونية والأخلاقية، تعددت الأسباب إلا ما أدعوه من سبب وهو استخدام الأسد للأسلحة الكيماوية.
»‬دوما» كانت معقلاً لجيش الإسلام منذ 2013 ونجح الجيش الوطني السوري في طردهم ودحرهم، فكان انتقام ترامب وتابعيه من قوي الاستعمار القديم، تيريزا ماي وريثة الصلف الفيكتوري، وإمانويل ماكرون ابن الليبرالية الجديدة وتوحش الرأسمالية في مصارف روتشيلد، كان انتقاما يرد اعتبار عملائهم في التنظيمات الإرهابية الذين أصروا علي حمايتهم وعدم استكمال روسيا وسوريا والعراق إبادتهم، ونقلوهم في حافلات فاخرة هم وأسرهم ليرموهم علي حدودنا مع ليبيا وربما سربوا بعضهم إلي سيناء كما فضحهم أردوغان. وكانت الضربة ليحمي ترامب ماء وجهه المراق وحلفائه فيما ادعوه بالحرب علي الإرهاب، وكشفهم بوتين بدخوله العسكري لسوريا ومرغ بكرامتهم الأرض هم وحظوتهم الإرهابيين. ترامب تاجر سلاح مبتز يريد أن يصنع الحروب لتروج بضاعة المجمع الصناعي التجاري العسكري الذي أتي به، وماي وماكرون يقدمان أوراق اعتمادهما وبضاعتهما خصوصاً لمنطقتنا العربية التي يغازلون قواها الصاعدة من أجل المال والصفقات العسكرية والتجارية، ثم الأمر لايخلو من تعقيدات وجود البترول ومخزون مهول للغاز علي السواحل السورية وفي مياهها الإقليمية والدولية، وهي لم توافق علي مد خطوط الغاز القطري إلي تركيا ثم إلي أوروبا بينما وافقت بذلك لإيران. وأينما كان البترول وأينما كان الغاز لابد لأمريكا أن تمد ذراعيها وتدس أنفها، وهكذا يفكر حلفاؤها من دول الاستعمار القديم في بريطانيا وفرنسا. ثم هي أيضاً عملية إجراء توازن جيواستراتيجي مع روسيا التي أصبحت لها قواعد عسكرية »‬حميميم وطرطوس» علي المياه الدافئة بالبحر المتوسط، هذا من ناحية، ثم لمحاولة تطويق النفوذ الإيراني وكذا التركي المتوغلين والموحولين في الأزمة السورية، وفي ذلك فإن السياسات الروسية لاتخلو من مصلحة حالة ومقبلة.
من هنا جاءت الضربة محدودة، ونسقوا فيها مع روسيا، ولعل المشهد في نهاية جلسة مجلس الأمن أول امس كانت معبرا وربما ساخرا منا نحن العرب جميعاً، إذ بعد التراشق بالألفاظ بين نيكي هيلي مندوبة أمريكا وفاسيلي نيبينزيا مندوب روسيا والتهديد والوعيد ورفض المشروع الروسي بإدانة الضربة العسكرية علي روسيا، إذا بنيكي ونيبينزيا يتبادلان العناق والقبلات وربما القفشات المضحكة، ولعله بالنسبة لنا ضحك كالبكاء. عاشت سوريا حرة أبية. سوريا بوابتنا الشرقية ولا ينبغي ان نسمح باسقاطها كما حدث مع العراق.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف