ناصر عبد النبى
من يتذكر كبار الإعلاميين؟
* عادة مصرية بل وإنسانية أننا لانشعر بقيمة الشييء الا بعد ان نفقده.. وبعدها نتباري في رثاء الشخص الذي فقدناه أو الندم علي ما كان بإيدينا أو بيننا.. يحدث هذا يوميا في الحياة العادية ويحدث أيضا مع نجوم الفن والثقافة والإعلام والشخصيات العامة الذين لانشعر بقيمتهم ولا يتم تكريمهم إلا بعد الرحيل.. حدث هذا مؤخرا مع ملكة الكلام الراحلة أمال فهمي التي رحلت عن عالمنا منذ أيام تاركة لنا تراثا اذاعيا كبيرا.. من منا ينسي صوتها المميز علي الافطار في فوازير الاذاعة والتي ظلت تقدمها لأكثر من 50 عاما تربي علي صوتها أجيال وأجيال عاشوا ذكريات الطفولة والشباب معها علي صوت الراديو قبل ظهور الفضائيات وبرامج التوك شو واذاعات الاف ام.. وكان برنامجها علي الناصية منبرا لكافة فئات الشعب لعرض شكواهم ومعاناتهم وطموحاتهم والامهم وأحلامهم.. كانت مدرسة إذاعية يصعب تكرارها ورغم ذلك عانت من التجاهل وعدم الاهتمام في أيامها الاخيرة إلي أن استيقظ الجميع علي نبأ وفاتها ليتباري الكل في الرثاء.
** الحقيقة أن ما حدث مع الاعلامية القديرة أمال فهمي يحدث مع كثير من الإعلاميين الرواد في الاذاعة والتليفزيون الذين افنوا حياتهم في خدمة العمل الاعلامي وعندما وصلوا لسن التقاعد اختفوا عن الانظار وابتعدوا عن الأضواء وأصبح التجاهل وعدم الاهتمام مصيرهم دون ان يتذكرهم أحد أو يحاولون الاستفادة من خبراتهم الاذاعية الطويلة وما قدموه للساحة الاعلامية وتأثيرهم في الاجيال التي عاصرتهم.. حتي مجرد تواجدهم بمبني ما سبيرو يكون بمحض الصدفة وعلي فترات متباعدة إما لتلقي العلاج أو للزيارة وحتي بعضهم يمنعه الحياء من الذهاب للرعاية بماسبيرو ويفضل العلاج علي نفقته الخاصة لينقطع التواصل بينهم وبين ماسبيرو تماما ولا نتذكرهم الا مع نبأ وفاتهم.
** شعرت بالحزن وأنا استمع لكلمات الاذاعي أبوالمجد الطوخي كبير الاذاعيين باذاعة القاهرة الكبري عندما ذكر لي أسماء لاذاعيين كبار بعد وصولهم سن التقاعد يعانون الآن من التجاهل والنسيان برغم ما قدموه من تاريخ اذاعي مشرف ولايتم الاستفادة من خبرتهم في تدريب شباب الاعلاميين داخل معهد الاذاعة والتليفزيون.. وعندما أثرت هذه القضية علي صفحات الجمهورية كانت سعادتي كبيرة عندما علمت باستجابة المهندس أمجد بليغ أمين عام الهيئة الوطنية للاعلام والذي أعطي توجيهات بالاستفادة بهذه الخبرات الاعلامية والاذاعية الكبيرة في التدريب لشباب الاعلاميين داخل معهد الاذاعة والتليفزيون ليظل التواصل بين الاجيال موجودا أو يظل العطاء ممتدا.
** الحقيقة ان العمل الاعلامي الإذاعي والتليفزيوني والصحفي لايرتبط بسن ولايمكن ان يكون هناك سن للتقاعد مع العمل الاعلامي فطالما هناك قدرة علي العطاء فلابد من الاستفادة من هذه الخبرات التي تراكمت لسنوات طويلة ليستفيد منها الشباب وحتي تظل القواعد الاعلامية الاصيلة معمولا بها بعد الهجوم الكاسح للفضائيات والاذاعات الخاصة والتي دمرت تلك القواعد وتعاملت معها باستخفاف معتمدين علي الفهلوة في العمل الاعلامي ليعاني جمهور المشاهدين مع الفوضي الحادثة الان في الفضائيات الخاصة التي أعطت منابرها لكل من هب ودب وبدون أي خبرات إعلامية حتي أصبحت بعض فضائيات بير السلم تضم بعض من النصابين لتصنع منهم إعلاميين ويقدمون برامج علي الشاشة فقط لأنه اشتري منهم ساعة هواء أو يسوق للقناة لنجد أنفسنا يوميا نعاني من جرائم ترتكب يوميا في حق الاعلاميين الحقيقيين والحقيقة لكي نحافظ علي القواعد الاعلامية الراسخة لابد من الاستفادة من خبراتنا العريقة وتكريمها والحفاظ علي قيمتها في حياتها وهم بيننا قبل أن يفارقونا ولانتذكرهم الا بعد وفاتهم.