تابع العالم كله تقريبا تطورات الموقف الأمريكى من سوريا الشقيقة والعدوان الثلاثى الذى قادته الولايات المتحدة الأمريكية عليها وبمساعدة بريطانيا وفرنسا.. ولا شك ان تصرفات الرئيس الأمريكى دونالد ترامب تثير قلق الشعب العربى الذى تجرع، ولا يزال، مرارة الانحياز الأمريكى السافر والظالم لإسرائيل دولة العدوان والاغتصاب منذ زرعها فى قلب الوطن العربي.. فترامب تجاهل وجود المنظمات الدولية وفى المقدمة منها الأمم المتحدة وقرر منح اسرائيل مدينة القدس العربية والاعتراف بها عاصمة للدولة «اليهودية؟» كما قال.. وكأن الرجل يزدرى حقوقنا وكأنه لم يسمع أنه بالقدس يوجد المسجد الأقصي، أولى القبلتين وثالث الحرمين، وكنيسة القيامة وهى من أعلى رموز المسيحية.. وترامب الذى انتفض غضبا بدعوى استخدام سوريا لأسلحة كيميائية فى دوما، لم يصل الى اذنيه المحصنتين ضد كافة انتهاكات اسرائيل صوت الرصاص الحى الذى تطلقه اسرائيل خاصة فى الأسابيع الأخيرة، على الفلسطينيين الذين يطالبون بالعودة لأرضهم المغتصبة.. الرئيس الامريكي، عز عليه صمود الشعب السورى بقيادة بشار الأسد، والانتصار على آخر إرهابي، فلم يقبل «إفشال» مخطط تفتيت الوطن العربى الى دويلات عرقية وطائفية. وقد اوضحت اسرائيل ان ماما امريكا اخطرتها بتفاصيل ضرب سوريا وحتى لا تفزع من صوت التفجيرات!!..ويكفى ان تعلن تل ابيب عن تأييدها التام للعدوان الثلاثى على سوريا وتنضم اليها تركيا وقطر.. ويثور سؤال ضمن الأسئلة التى تتدافع ويظل الجواب عليها واحدا وهو ان أمريكا تعادى الحقوق العربية بما فيها بقاؤنا داخل حدود الوطن والتمسك بقيادات ارادت واشنطن ازاحتها ومنها القيادة السورية، فالعديد من رؤساء دول المنطقة اطاحت بهم ثورة الشعوب او غضبتها فى اسابيع او أشهر قليلة، وربما من هنا كان انفلات اعصاب رجل الأعمال الامريكى الذى ابتز ويبتز ثروات العرب، حيث لم تتحمل اعصابه صمود الشعب السورى بقيادة الأسد لأكثر من سبع سنوات ورغم تجنيد كل قوى الدمار والعملاء لتفتيت سوريا..والسؤال هو هل وقفت امريكا ولو مرة واحدة مع أى حق عربي؟ والجواب هو بالنفى بلا ادنى شك.. فواشنطن ومنذ السبعينيات عملت على تحييد مصر وإبعادها عن قضايا الوطن العربى ، ثم توالت الكوارث التى كانت كلها بأياد أمريكية، ما زالت ماثلة فى الأذهان كارثة احتلال العراق وتمزيق أوصاله على أسس طائفية مدمرة، وقتل وتشريد الملايين من أبناء بلاد الرافدين، وهى الدولة العربية الوحيدة التى تجمع بين الارض الزراعية والنفط، وتدمير معالم حضارتها بذريعة امتلاكها لأسلحة الدمار الشامل ثم الاعتراف بعد سنوات بأكذوبة اسلحة الدمار الشامل الفاضحة دون أن يرمش لواشنطن وحلفائها جفن، تكاد تتكرر بحذافيرها فى سوريا!
والغريب والمحزن فى الوقت نفسه ان تتردد انباء عن تشجيع اطراف عربية للعدوان الأمريكي، بل وتمويله بسخاء مرعب، وكأن المخطط الأمريكى الصهيونى لم يكن ماضيا، بل كان يستهدف مصر،التى مزقت ثورتها المخطط فى الثلاثين من يونيو وهو مخطط أعلنته جهات امريكية بصفاقة لا تقبل تشكيك المتيمين بالولايات المتحدة واستهزاءهم بمن لا يشاركهم هذا الوله، «بالقومجيين» وما تيسر من أوصاف تسفيهية..الجانب الخطير والواضح للعيان بصدد العدوان على سوريا هو إقدام الرئيس الامريكى على شن عمليات عسكرية على دولة ذات سيادة وعضو بالأمم المتحدة بقرار منفرد متجاهلا وجود منظمة دولية، هى الامم المتحدة وليس الولايات المتحدة، وكأنه قد أصبح «فتوة» العالم الذى لا يقيم وزنا لأى قوانين أو شرائع دولية، وأن ارادته، أو بالأحرى مصالحه، فوق الجميع.. غير أن ترامب ليس على دراية على ما يبدو بان دولته هى أكبر دولة مديونة فى العالم وأن سياسة الابتزاز المالى التى يمارسها لن تدوم، وقبل ذلك وبعده، ان «الفتونة» لو دامت لغيره ما وصلت اليه.. والنصر حتما وفى النهاية للشعوب.