الأهرام
سعاد طنطاوى
الدواءالمر
الهيئة العامة للاستعلامات ،هيئة كبيرة ، تقدم دور خطير ، على المستويين الخارجى والداخلى ، أصبح أسمها يتردد فى المحافل كثيرا بعد انتعاشة اصابتها في أعقاب وعكة صحية ثقيلة جدا أدخلتها فى غيبوبة استمرت بضعة سنوات. هذه الهيئة فى الفترة الاخيرة اثبتت جدارتها ، فبها مركز معلومات يتابع الإعلام الدولي ويوفر معلومة صحيحة ودقيقة عن صورة مصر في الإعلام العالمي للمهتمين والمعنيين بذلك في أجهزة الدولة ووسائل الإعلام .
ولا يكتفى بهذا القدر بل وتقوم الهيئة العامة للاستعلامات أيضًا بدور مهم في التثقيف السياسي والتوعية الاجتماعية للمواطنين وشرح السياسات الوطنية لهم والمساهمة في التوعية بالقضايا والمشكلات الوطنية والمحلية والبيئية في المناطق الريفية والنائية في أنحاء مصر من خلال مراكز النيل للإعلام ومراكز الإعلام الداخلي والتى يصل عددها لحوالى 96 . فى الحقيقة هذه المراكز الاعلامية لم تحظ بالاهتمام الكافى الذى كان مرجوا لها على الرغم من أن العاملين بها بمثابة الجنود المجهولة الذين يقدمون اغلى ما لديهم من اجل مصلحة اوطانهم .

لم يكن هناك نصيب للاعلام الداخلى فى الاستحواذ على الصيت العالى مثل الاعلام الخارجى اذ ربما يكون ذلك بحكم الظروف التى تمر بها البلاد فكان لابد من التيقظ لما يثيره الاعلام الاجنبى من فتن تستهدف تشويه صورة مصر خارجيا ، و للحق اجادت الهيئة هذا الدور
وللحق أكثر ان الهيئة بها على المستوى الاعلامى الداخلى قيادات وعاملين من أمهر الاعلاميين الذين يجيدون فن الاعلام خاصة وأن طبيعة عملهم قائمة على الاتصال المباشر بالجماهير مما يجعل ثأثيرهم أقوى على المواطنين حيال التوعية بقضية ما .

تعاملت مع الاغلبية العظمى منهم عن قرب خاصة فى متابعة أنشطتهم على مستوى الـ 27 محافظة فهم يحسنون إختيار المحاضرين سواء فيما يتعلق بالقضايا القومية أو بالقضايا المحلية وكلها قومية او محلية تمس أوتار المجتمع وكان منها هذه القضية الخطيرة التى طرحها مركز النيل للاعلام بالاسكندرية حول قضية "مشكلات الدواء واحتكاره فى مصر " باخيتار محاضر متخصص فى هذه المشكلة وهو
الدكتور محمد الشافعي – نقيب الصيادله بالاسكندريه والذى كشف عن حقائق فى قطاع الادويه الذى يعد من القطاعات الواعده ولكنه يعاني مشكلات عديده أهمها تعويم الجنيه المصري وعدم توافر العمله الصعبه حيث أن مصر تستورد 95% من الخامات الدوائيه ، وأن قرار تحرير سعر الدواء هو قرار صائب ولكن تم تطبيقه بعشوائيه فهناك خلل في أنظمه التسعير وذلك بسبب السياسات التسعيريه القديمه للشركات الحكوميه وشركات قطاع الاعمال مما جعل نفس الصنف الدوائي مسعر بسعرين مختلفين وهذا أدي الي وجود أزمه كبيرة وتفاوت بين العديد من الشركات بسبب غياب الاستيراتيجيه والرؤيه الواضحه لقطاع الدواء

والمر فى موضوع الدواء أن دراسات شركات الادويه حول حجم الزياده في تكلفه الانتاج بعد تحرير سعر الصرف كشفت أن نسبه الزياده في التكلفه بلغت حوالي 60% مما انعكس سلباً علي تكلفه استيراد المكون الأجنبي والذي يشكل نسبه كبيرة من تكلفه الانتاج بالاضافه الي ارتفاع كافه عناصر الانتاج من تعبئه وتغليف ومصروفات تشغيل من كهرياء ومياه ووقود وأيضا أجور العمال مما أدي الي غلق العديد من المصانع المنتجه للدواء .

وحقيقة أخرى كشفها النقيب الصيدلى أن 90% من الأدويه الموجوده في السوق المصري لها بديل ومثيل فالبديل له ( نفس المفعول ونفس الأعراض الجانبيه ولكن باختلف المادة الفعاله) أو المثيل فله ( نفس الماده الفعاله ، نفس الشكل الدوائي ، نفس الحجم ولكن الاختلاف في اسم الشركه المنتجه فقط ) ، فلابد أن يكون لدي المواطنين درايه كامله بأن الادويه المستورده أو الناقصه في السوق لها مثيل ولكن مع اختلاف سعرها حيث أن سعرها يكون عاده أقل بكثير من سعر الأدويه المستورده الناقصه في السوق ، لذا في حاله عدم وجود الأدويه المطلوبه يتم التعامل مع الدكتور الصيدلي وطلب الدواء المثيل للدواء المطلوب منه حتي نستطيع أن نتغلب علي مشكله نفس الدواء من السوق ، وأضاف أن هناك بعض الأدويه ليس لهل مثيل أو بديل مثل أدويه أمراض الدم والانسولين وأدويه السرطانات .

والمؤسف حقا هو تدهور مثل هذه الصناعة العملاقة بعد تاريخ مشرف ، فصناعة الدواء في مصر تمتد جذورها لأول شركه دواء أنشأها طلعت حرب بمصر عام 1939 وصنفت مصر من الدول المهمه في تصنيع الادويه المثيله التي لها نفس التركيز الدوائي ، وأن مصر منذ الثلاثنيات أخذت باعاً كبيرا في صناعه الدواء حيث صنفت عالمياً في هذه الصناعه كقطاع صناعات طبيه تصدر الدواء المصري الي 142 دوله ولديها سياسات دوائيه سريعه وممتده والتي استمرت للسبعينات

وعندما دخلت الشركات الاجنبيه لمصر كانت شركتين فقط ( شركه فايزر – شركه نوفارتس أو فارما ) ثم جاءت شركت هوكست وقد تم توقيع عقد مع فايزر لتصنيع الخامات الدوائيه ولكن منذ دخول القطاع الاجنبي لم يعمل بالهدف الذي أعلن عنه واكتفي بتصنيع أدويته بمصر فقط دون نقل التكنولوجيا العلميه بل توسع بشده بالسوق المصري ، وبدأت تظهر سلاسل القطاع الخاص بقوه منذ أول السبعنيات والتي بلغ عددها 154 مصنع دواء منهم 9 مصانع قطاع عام و 9 مصانع شركات متعدده الجنسيات والباقي للقطاع الاستثماري الخاص وللاسف انهارت السياسات الدوائيه بمصر منذ الثمانينات ومن يومها ونحن نتجرع المر !
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف