راهنت روسيا بشكل مبالغ فيه على تولى الرئيس الأمريكى دونالد ترامب السلطة لتحسين العلاقات فيما بين الدولتين وتسوية مجالات النفوذ بشكل يضمن للدب الروسى الهامش المنطقى واعتبرت روسيا لفترة طويلة أنه سيكون الباب الذى سيفتح الطريق أمام تقييم المسائل الإستراتيجية.
مر 17 شهرا منذ انتخاب الرئيس الأمريكى والعلاقات تتراجع والتحدى على أوجه والمخاوف تبدو أكبر من عودة سنوات الحرب الباردة بين القطبين.
ومن يقرأ تصريح سيرجى نارشكين رئيس المخابرات الخارجية الروسية يجد أن واشنطن أصبحت تركز فقط على محاربة خطر روسى مزعوم لا وجود له، وأضاف «وبلغ ذلك أبعادا واكتسب خواص منافية للعقل حتى أصبح من الممكن الحديث عن عودة أيام الحرب الباردة السوداء».
هذه التصريحات تكشف عن ضغوط كبيرة فى العلاقات انعكست بشكل لافت فى الأزمة السورية والتى بدت فيها أمريكا قوة غاشمة لا تستجيب لتوازنات أو تهديدات وظهر الدب الروسى الذى كان مرعبا فى عهد الامبراطورية الروسية فى القرن الثامن عشر عاجزا عن الفعل ورد الفعل حتى محاولته فى إصدار قرار من مجلس الأمن يدين الهجوم الثلاثى الغاشم على سوريا لم تفلح.
وتأتى الأسئلة هنا لماذا يفشل الدب الروسى فى كل حلبة يدخل فيها مع الثور الأمريكي؟, هل بسبب منطق القوة الذى يجسده الثور الأمريكى الهائج والذى يزن 1000 كيلوجرام كما لو كانت العلاقات تدور فى غابة المنطق فيها للأقوى وهى بالفعل كذلك, فما يحدث فى العالم هو بالضبط ما يجرى فى الغابات بين الحيوانات المفترسة. ولو قدر وتم طرح سؤال على الرئيس ترامب وهو أين تقع سوريا وحدودها وعدد سكانها؟ حتما لن يكون جاهزا للإجابة قبل أن يحصل على المعلومات من مستشاريه فلماذا يضرب بلدا لا يعرفه؟ إنه منطق الغابة ومكر السياسة.
مرت الضربة الثلاثية بإصابة ثلاثة مواطنين سوريين لكنها أصابت قلوب الملايين بالحزن على عالم تسوده قواعد الغابة ويتحكم فيه من لا يعرف عن غيره أى شىء.