تابعنا أمس السبت علي شاشات التليفزيون وقائع فصل جديد من مسرحية قديمة! "العدوان الثلاثي" علي سوريا الذي يضم بريطانيا وفرنسا وأمريكا "بدلا من اسرائيل" عدوان عسكري مشترك شاركت فيه طائرات بريطانية وصواريخ أمريكية وأسلحة فرنسية وكلها طبعات جديدة شديدة الذكاء من أسلحة دمار شامل!
سبب العدوان امتلاك النظام السوري للأسلحة الكيماوية المحرمة دوليا والتي تقتل المدنيين من الشعب السوري!.. فهذه الدول الثلاثة حزينة علي أبناء الشعب السوري وحارسه لقيم الميثاق الانساني وللقوانين الدولية "!!"
استهدف العدوان مراكز البحث العلمي في سوريا ومواقع مهمة أخري قري هذه الدول الثلاث انها تشكل تهديدا ولا يصح أبدا تركها أو عدم معاقبة النظام الذي يستخدمها!!
وبينما نتابع مشاهد ونتجول بين المحطات التليفزيونية نتوقف أمام لقطات "كلوز" قريبة لأطفال يختنقون أو يلتقطون أنفاسهم الأخيرة وآخرون رجال يشقون أثوابهم تألما وقهرا علي ما يعانونه فالاعلام الغربي وكاميراته تمثل جزءا أصيلا في هذه المسرحية ونحن نعرف ان الدول الاستعمارية "العظمي" لا تحتاج الي أسباب كي تشن عدوانها فلديها "أدوات للاقناع و"الأقوياء" ليسوا في حاجة الي دليل لأنهم هم من يملكون الحقيقة المطلقة وما علينا الا تصديق مزاعمهم لأنهم "عظماء" وسادة هذا الكوكب!
أمريكا في فيتنام استخدمت أسلحة دمار شامل. ونابالم وقنابل عنقودية ومواد كيماوية لم نكن قد سمعنا عنها. وقتلت ملايين من الشعب المقاتل الرائع ومع ذلك تمت هزيمتها بعد حرب ضروس قتلت المئات من الجنود الأمريكيين وشوهت الآلاف منهم وأصيب من جرائمها نفسيا وعضويا آلاف آخرون.
وبعد الهزيمة أخرجت هوليود عشرات الأفلام التي حولت الهزيمة الفعلية للقوة "العظمي" علي الأرض وأمام الشعب الفيتنامي "المتوحش" الي انتصار وجعلت الجندي ضحية وليس جلادا وانسانا طيبا يتحمل أخطاء وخطايا السياسيين ولكنه أبلي بلاء عظيما. قلة من المخرجين الأمريكيين الكبار فقط حاولوا الاقتراب من جوهر هذه الحرب غير العادلة ولكن المحصلة الأخيرة ان الصورة الذهنية المصنوعة والمفبركة كانت أكثر إنباء من الصور العسكرية في ميدان الحرب.
وفي العراق سقط ملايين وشرد مثلهم من أبنائه وتم نهب ثرواته ودمر ميراثه الثقافي والتاريخي وشرد جيشه بسبب أكذوبة "أسلحة الدمار الشامل والأسلحة الكيماوية" والحقيقة التي كانت واضحة ان العراق لم تكن لديها هذه الأسلحة واعترفت أمريكا لاحقا من خلال بعض مسئوليها كما اعترف توني بلير البريطاني التابع بأنها كانت "أكذوبة" قذرة ولكن ثمنها باهظ جدا دفعه ويدفعه الشعب العراقي الذي يعيش أبشع عصور الفوضي وليس الديمقراطية ويحارب وحوش دواعش المسلمين التي قامت بتصنيعهم أمريكا وتوابعها القدامي والجدد من حكام دول عربية واقليمية أوغاد وخدم. ولا يهم ان تخسر أمريكا عدة مئات أو حتي عدة الآلاف في مقابل الاستيلاء علي منابع النفط وثروات الشرق الأوسط. فهكذا كان الرهان علي حرب العراق. وهكذا يتجه السيناريو الذي تجري وقائعه الآن.
فعلت فرنسا الاستعمارية ما فعلته من جرائم وحشية في مستعمراتها الافريقية وفي الهند الصينية وفي الجزائر ومازالت عيون الاستعمار مفتوحة علي اتساعها وبلا حياء. يتحدثون عن "الأخلاق" وهم لا يعرفون منها قيمة انسانية واحدة مجردة.
انهم يسعون الي اسقاط نظام بشار مثلما اسقطوا نظام صدام. وذبحوه في العيد بحجة "الديمقراطية" والحقيقة التي تبدو ساطعة جدا لأي انسان متابع انهم يريدون اسقاط "الدولة الوطنية" وأي نظام عربي يحرص عليها. ذلك لأن "الدولة الوطنية" العربية مرفوضة في السيناريو الغربي لتقسيم المنطقة وما علينا الا مشاهدة الأفلام الأميركية التي تقوم بتسويق سيناريوهات أمريكا السياسية والعسكرية.
ان الحرب علي سوريا تستدعي الي المقدمة مشاهد الصراع بين القوي العظمي الذي بدأ بعد الحرب الثانية. انها الحرب الباردة بعد ان اشتدت سخونتها وأصبحت تهدد بحرب عالمية وقد يجر العدوان الأخير علي ساحة الصراع في سوريا العالم الي حرب لن ينتصر فيها أحد لو تم استخدام الأسلحة التي تمتلكها الأطراف المتصارعة لأن الانتصار حينئذ يتساوي مع الهزيمة. تذكروا نهاية الجزء الأول من فيلم "كوكب القرود" لعنكم الله جميعا ماذا فعلتم بنا؟؟
أمريكا القوة العظمي تمتلك قوة عسكرية تعادل أقوي جيوش العالم مجتمعة كما قال أحد المحللين السياسيين ولكنها منيت بالهزيمة في فيتنام أمام قواد عسكريين أفذاذ من نوعية الجنرال "جياب" "1911 ـ 2013" وسياسي حكيم ومحنك مثل هوشي منه. وهزمت في كوريا. وفي العراق. ان القوة الأمريكية مهلكة للبشرية وللقوانين الدولية. وللمؤسسات التي تزعم الدفاع عن مصالح الشعوب مثل الأمم المتحدة. يكفي مراقبة أداء مندوبة الولايات المتحدة في هذه المنظمة حتي يتراجع أي أمل أو يموت كلية وانت تتابع تريزا ماي البريطانية أو تستدعي امرأة كارثية مثل هيلاري كلينتون.
الإرهاب الأعظم تمثله الفصائل الارهابية علي تنوعها رغم امتلاكها أسلحة تنتجها المصانع الغربية. وان تجسدها صوت وصورة وفعل الولايات المتحدة الأمريكية بأجندتها الاستعمارية وأطماعها الامبراطورية.