أنور عبد اللطيف
محاضرة الرئيس المعلم وصفقة الرئيس المغرد
يوم كامل قضيته على هوى الريموت كونترول، انتقى منه هذه المشاهد التى بدأت بالفخر والاحترام لرجل دولة حقيقى من طراز إنسانى رفيع اسمه مارسيلو دى سوزا أستاذ الجامعة والكاتب الصحفى والمحلل التليفزيونى ورئيس دولة البرتغال، استمتعت باحترامه لبناة الأهرامات التى لخصها بجملة حضارتكم عظيمة وأنا منبهر بالهرم الأكبر، وجسدت هذا المعنى الصورة التى التقطت له تحت أقدام رمسيس الثانى بالمتحف الكبير، ثم انتقل بى الريموت إلى محاضرته فى الأزهر الشريف بعنوان (الرئيس المعلم)، التى جاء فيها: فى البرتغال من السهل أن تصبح رئيسا من أن تكون طالبا فى الجامعة، ما يعنى أن مرحلة التلمذة والحفظ والتلقين يجب أن تنتهى فى الثانوية وتبدأ مرحلة البحث العلمى فى الجامعة، وقوله: ليس من حق أى شخص فرض اعتقاده على الآخرين، ولابد أن نكافح من أجل حرية الاعتقاد، أنه يجب القبول بالآخر، وتعزيز الديمقراطية فى أمتكم الشابة، وأثناء رده على أحد الطلاب الهنود الدارسين فى الأزهر عن المستقبل، قال: إنه لابد أن نخلق الظروف التى تمنع اندلاع حرب جديدة، حطت عبارة «خبر عاجل» على الشاشة كذبابة سامة عن الحرب الوشيكة على سوريا فى تصريحات ترامب حاولت أن أهشها بيدي، وأعود للمحاضرة وإجابته على سؤال آخر بأنه يوم تولى مسئولية رئاسة البلاد فى الصباح عقد اجتماعا للم الشمل فى المساء داخل أحد المساجد، فالمسلمون عندنا أساس الدولة!
ثم صفقت لإجابة (الرئيس المعلم) على سؤال مستشار الإمام بأنه لا يوافق على أن تكون القدس عاصمة لإسرائيل، ولا يقبل بها إلا عاصمة للدولة الفلسطينية، فتمنيت أن يسمع (الرئيس السمسار) الأمريكى كيف يكون رجل المبادئ وحقوق الإنسان، ومع إلحاح الأخبار العاجلة تلبستنى حالة الشعور بالمهانة، وأنا أتابع ما يأتى من تداعيات قرار واشنطن بضرب أهداف فى سوريا، فعجبت كيف صارت مصائر العالم وأرواح الأبرياء وخرائط المنطقة يقرر مصيرها تغريدات رئيس تختلط فى تويتاته الأكاذيب مع الشيطنة، فقد غرد منذ أيام بأنه سيسحب قواته من سوريا، رغم أنها لا تزيد على 2000 جندي، معظمهم من رجال المخابرات المتخفين، فيدرك كل لبيب على الفور أن التويتة مجرد شفرة للقوات التى تحارب عنه بالوكالة، مثل جيش النصرة التى تموله قطر، والجيش السورى الحر الذى تموله خزانة الخليج وجيش الإسلام المرتبط بداعش الشام والعراق الذى سحب آخر معاقله من الغوطة الشرقية وريف دمشق وسلم بالفعل أسلحته الثقيلة بعد اتفاق للجيش السورى الحقيقى والشرطة العسكرية الروسية، وانتقل الريموت فوق ركام الغوطة الباسلة وبجوار العلم السورى وقف ضباط الجيش يتحدثون عن المعارك التى جرت، والتى أفضت إلى تهجير مئات من فصائل المعارضة إلى إدلب فى شمال سوريا، وكأنهم ينفذون تغريدة نية ترامب سحب قواته، بدليل أنه عاد فى اليوم التالى بتغريدة جديدة يقول فيها: إن بلاده ستشن هجوما على المواقع التى استخدمت فيها قوات النظام الأسلحة الكيماوية على أهالى دوما فى الغوطة الشرقية، ثم حذر القوات الروسية فى تغريدة تالية من (الصواريخ الذكية) وفى تغريدة رابعة يمسك العصا من المنتصف لأن (الضربة قد تكون فى وقت قريب جدا أو غير قريب على الإطلاق ).. وانشغلت مواقع التواصل والصحف فى تفسير التغريدة وتركت الحديث عن عمليات تهويد القدس واستعدادات نقل السفارة الأمريكية والدفاعات السورية التى نجحت هذه المرة فى إسقاط ستة صواريخ إسرائيلية أطلقت عليها من أصل ثمانية، وراحت قمة الأمة العربية ـ الافتراضية فى نظر ترامب ـ تراقب من الدمام هدية الحليف ترامب عشية انعقادها بالضربة التى استهدفت مواقع أسلحة كيماوية مزعومة فى سوريا، وكان من أهم نتائجها انتصار بصيص لصوت العقل بأن القدس وفلسطين هى قضية العرب الأولى رغم أنف السفارة، وأن روسيا العدو العاقل أفضل ألف مرة من صديق استراتيجى مجنون، وأنه إذا كانت حماقة بوش قد أطلقت (حشد) طهران كلاعب أساسى فى العراق واليمن، فإن التيه العربى وصفقات ترامب أعاد روسيا كقوة عظمى إلى سوريا وكل بلاد الشام!
ثم انتقل بى الريموت لمشاهدة سيمفونية إنسانية برأس مصرية، ففى تمام الساعة التاسعة وأربعة وخمسين دقيقة بتوقيت جرينتش، انطلقت كرة بالمقاس من قدم ألكسندر أرنولد لاعب الوسط فى ليفربول بعد منتصف ملعب بورنموث واستقبلها رأس فتانا الذهبى محمد صلاح وصوبها بدقة خلفية لتصيب المرمى وتحرز الهدف رقم 30 لصلاح فى الدورى الانجليزى ورقم 40 هذا الموسم ورقم 80 لثلاثى الرعب الكروى البرازيلى فيرمينو والسنغالى مانى والمصرى صلاح، ليصبح هذا الهدف, بعد محاضرة دى سوزا المعلم الرئيس, أحد الهدايا النادرة خلال يومين التى تأتى من الغرب بما يسر الخاطر ويشرح القلب!