يبدو انى أعيش فى عزلة عن الحياة وأحداثها بسبب عدم انسجامى مع هذا الاختراع المسمى.. بالإنترنت أو الفيس بوك.. فقد عرفت بخبر رحيل زميلى وصديقى محمد ياسين بعد وفاته بشهر تقريبًا.. كان الزملاء يظنون انى أعرف ولم يفاتحنى أحدهم حتى جاء من يهمس إلى معاتبا: لماذا لم تكتب عن «الهرم» وهو اللقب الذى أطلقته على «ياسين» رحمة الله عليه.. لأنه فى فترة من الفترات كان يعايش أكبر نجوم الكرة فى المقاولون والزمالك واسكو والبلاستيك.. فى أجيال حسين السيد وأشرف قاسم وحمدى نوح ومحمد صلاح وجمال عبدالحميد والشيشينى.. وكانت العلاقة أكبر من كونها بين صحفى رياضى ولاعب لأنهم دائما فى بيته أو معه على مقهى أسفل البيت.. أو هو عندهم أو معهم فى أنديتهم.
كنت اسميه «الهرم» لأنه صنع لنفسه طريقته الخاصة فى التقاط الخبر.. وكتابته بخطه الجميل.. وفى وقت من الأوقات كان «ياسين» من أشهر الأقلام الرياضية فى محافظات مصر فهو المتخصص فى أخبار المظاليم فى الأقاليم وقبل الإنترنت ووسائل الاتصال الحديثة السهلة كان يتلقى الفاكسات والمكالمات ويعد أكثر من صفحة ينتظرها الآلاف فى ارجاء مصر وهو بالنسبة لأندية الدرجة الأولى والثانية نجم النجوم بقلمه يرفع اللاعب الفلانى أو يخسف به الأرض.. ومعنى ذلك ان «ياسين» كان اشبه بقسم رياضى وحده.. وقد عرفنا قيمته عندما داهمه المرض وأبعده عن عمله.. وعن النزول إلى حيث الأحبة.. وما أقسى هذه الدنيا بل وما أتعسنا بهذه المشاغل التى تقتلنا جميعا وتبعدنا عن السؤال والاطمئنان على صديق عزيز حتى يأتى الخبر ونندم بعد فوات الأوان وهنا يجب ان اسجل بأن الزميلين جمال هليل وطارق عبدالمطلب كانا الأكثر تواصلا مع ياسين إلى وقت قريب حتى بدأنا نخشى ان نتابعه فى وضع صحى لا نحتمل ان نراه وكان هو بطلا وصبورا جزاه الله خيرا بما تحمل وكان له فى ميزان حسناته.. وأذكر انه تعافى وكان فى أفضل حالاته وقت فرح ابنته الكبرى وكأنه تحدى مواجعه.
.. رحم الله .. »الهرم«.. ونسأل المولى سبحانه وتعالى ان يغفر لنا تقصيرنا معه.. وأن يفسح له فى قبره ويجعله روضة من رياض الجنة بحق المعاناة التى عاشها لسنوات صابرًا محتسبًا برعاية زوجته الوفية وابنتيه.
.. كافح ياسين .. ولم يتعامل الا مع من يحبه ويبادله نفس الشعور.. ويوم ان يأتى من يكتب تاريخ الصحافة الرياضية مع دورى المظاليم والأقاليم سيأتى اسمه فى الصدارة مع المرحومين »عمر أحمد« فى الجمهورية و»محمود عبدالفتاح« فى المساء.. وياسين فى الكورة والملاعب.
.. رحم الله الجميع .. ورحم الصحافة الورقية قبل ان يأكلها العفريت الافتراضى!!