الأهرام
محمد مصطفى حافظ
رؤية معلم ورئيس بالأزهر
"مارسيو ريبيلو دي سوزا" أستاذ القانون ورئيس جامعة لشبونة ذو السبعين ربيعا ، يعرف من أكثر الزعماء السياسيين في العالم حكمة وذكاء لمساهمته في صياغة دستور بلاده عام ١٩٧٦، فضلاً عن سعة إطلاعه " يقرأ كتابين يوميًا" جعله ذو رؤية نقدية صائبة، وتميزه كصحفي بتأسيسه لصحيفتي " سيديس" و "سيميناريو"، وإعلامي ومحلل سياسي بالإذاعة الوطنية البرتغالية، واقتصادي محنك بإخراج بلاده من أزمتها المالية بسبب تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية، كل هذه المؤهلات المتميزة ساهمت في انتخابه للرئاسة دولة البرتغال في ٩ مارس ٢٠١٦ .
تميزت زيارة " دي سوزا " لمصر كونها أول زيارة لرئيس برتغالي لمصر منذ ٢٤ عاماً جاءت رداً علي زيارة للرئيس عبد الفتاح السيسي للشبونة منذ نوفمبر ٢٠١٦ والتي كانت أيضا أول زيارة لرئيس مصري منذ ٢٤ عاماً بتطابق وجهات نظر القياديتين في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية ، ظهر جلياً في المباحثات الرسمية التي أكدت التناغم في المواقف المشتركة علي كافة المستويات التي تراعي مصالح البلدين ، إلي جانب حضوره لمجلس الأعمال المصري البرتغالي علي رأس وفد من رجال الأعمال والمستثمرين البرتغال أظهر الجدية للتعرف علي الفرص الاستثمارية علي أرض المحروسة والتي ستظهر نتائجها الإيجابية خلال المرحلة المقبلة .

ولكن ما زاد إعجابي بشخصية الزعيم البرتغالي " دي سوزا" قوة كلماته ورسائله العشر التي ألقاها بمحاضرته بقاعة الإمام محمد عبده لمدة ٥ ساعات متواصلة بمشيخة الأزهر بعنوان" رؤية معلم ورئيس " وتأكيده علي شعوره بجامعة الأزهر أنه في وطنه ، ولما لا فقد قال أن هذه الجامعة مليئة بالتاريخ والحضارة والثقافة وتوجد في مصر هذا البلد الغني بالثقافة التي تلعب دوراً رئيساً في المنطقة والعالم أجمع ووصفها بأنها " منارة العالم " ، ومما يزيد التقدير لهذا الرئيس تأكيده أنه فخور أن مهنته مدرس والتي سيعود عليها فور إنتهاء ولايته وهي سعادة لا توصف لأن دوره كما يري أهم كونه رئيس جمهورية لأنه يسهم في بناء عقول تخدم بلده في مختلف المجالات ، وهذه المهنة أسسته علي حرية الاعتقاد والفكر والدفاع عن الحوار بين مختلف الجهات والأديان، كما وضح شخصيته القوية بإعلان موقف البرتغال الواضح أن فلسطين دولة عاصمتها القدس وأنه لن يغير موقع سفارته ولن ينقلها.

ومن الفضائل التي ابتسمت بالتقدير في إجابة الرئيس البرتغالي لأسئلة الحضور من طلاب وأساتذة الأزهر حول مستقبل التعاون بين البرتغال والأزهر الشريف بعد بالتوقيع علي عدة اتفاقيات بين الأزهر والجامعات والمؤسسات الثقافية البرتغالية، كما أظهر الوضوح بتأثير تاريخ المسلمين في بلاده بانتشار المساجد رغم أنه مجتمع منفتح ولديه ثقافة متنوعة في الاقتصاد والأديان والسياسة ، ضاربًا تنظيمه احتفال داخل مسجد في حضور ممثلي ١٨ كنيسة للتأكيد علي حرية الأديان والاعتقاد، وإشادته بالإمام الأكبر أحمد الطيب لأنه يجسد القادة المؤمنين بالسلام وحرية الأديان ويدعو إلى المحبة وقبول الآخر، وهي قيم مهمة جدًا يجب أن تسود كل أنحاء العالم، فالإنسانية تعاني من انتشار الحروب التي راح ضحيتها عدد كبير من الأطفال والشباب، معلنا عن تكريمه بأكبر وسام برتغالي .

وأعجبني تشخيصه الواعي لانضمام بعض الشباب الأوروبي لتنظيم داعش بأن التطرف نتاج لظروف اجتماعية واقتصادية مثل الفقر واليأس مما يستوجب معالجة هذه الأسباب أولا لحماية الشباب من الانخداع بالجماعات المتطرفة وعدم السماح بوجود بيئة خصبة للإرهاب... فلك جزيل الشكر تشرفينا مصر أم الدنيا وكونك "رئيس" بعقل " مدرس" أختار " جامعة الأزهر " ليعطينا دروساً نحتاج استيعابهم ، و" رسائل " لزعماء ورؤساء " داعمين" للإرهاب وقهر الشعوب.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف