جمال سلطان
قوات بشار إذ ترهب فريق التحقيق الأممي
ماطل الروس وبشار الأسد طويلا في تنفيذ اتفاقهم مع الأمم المتحدة للسماح لفريق تحقيق دولي مفوض من الأمم المتحدة بالتحقيق الميداني في مدينة دوما حول اتهامات استخدام قوات بشار للسلاح الكيماوي ضد أهالي المدينة ، وراوغ الروس طويلا وكذبوا على العالم ، وقالوا أن الفريق لا يحمل تصاريح من الأمم المتحدة وهو ما كذبته الأمم المتحدة بعد ساعات قليلة بتأكيدها أنها منحت الفريق كل التصاريح المطلوبة ، ثم قال الروس ـ بعد الفضيحة ـ أنهم سيسمحون لفريق المفتشين بالدخول إلى دوما يوم الأربعاء ، اليوم ، رغم أن الفريق موجود في دمشق منذ يوم الأحد الماضي ، والجميع فهم أن الروس وبشار يسوفون من أجل كسب المزيد من الوقت للتأكد من تطهير المكان ومحو أي أثر للأدلة على جريمتهما الوحشية ضد الأطفال والنساء .
اليوم ، حسب الاتفاق ، وبعد التسويف والمماطلة ، ذهب فريق المحققين إلى دوما ، ففوجئوا بإطلاق النيران عليهم مما عرضهم لخطر الموت ، فاضطر الفريق إلى الانسحاب من المدينة والعودة إلى دمشق ، وما زال الأمر غامضا حتى الآن ، مندوب بريطانيا لدى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية قال إن مدير عام المنظمة صرح الأربعاء بأنه من غير الواضح متى ستتمكن بعثة تقصي الحقائق من دخول دوما بسلام ، وأضاف بيتر ويلسون للصحفيين أن أحمد أوزومجو مدير عام المنظمة قال إن سفر فريق المفتشين تأجل بعد أن اضطر الفريق الأمني التابع للأمم المتحدة الذي كان يقوم بمهمة استطلاعية قبل وصول المفتشين إلى الانسحاب من دوما في أعقاب تعرضه لإطلاق نار.
اللافت أن القنوات التليفزيونية الروسية كانت قد دخلت دوما خلال اليومين الماضيين وتجولت في أحيائها وسجلت حوارات مع الأهالي ، وكانت في نزهة آمنة مطمئنة ، بلا زخات رصاص ولا تهديدات ، ولكن فريق التفتيش عندما دخل تم إطلاق الرصاص فوق رؤوسهم في رسالة إرهابية لإجبارهم على المغادرة .
هذا نظام إرهابي ، عتيق في الإرهاب ، وصاحب خبرات كبيرة في توظيف التنظيمات الإرهابية ، وممارسة الأعمال الإرهابية والتصفيات لمعارضيه ، حتى لو كانوا في حجم رئيس وزراء لبنان المغدور رفيق الحريري رحمه الله ، أو رئيس تحرير صحيفة لبنانية مثل سمير قصير لمجرد أنه جرؤ على أن ينتقد بشار ، ولا تطرف لنظام بشار جفن عندما يضبط الأمن اللبناني كميات من المتفجرات في سيارة وزير سابق ويعترف بأن المخابرات السورية سلمتها له لتنفيذ اغتيالات ، نظام لم يتورع عن قتل شعبه بالأسلحة الكيماوية ، وثبت ذلك من قبل بالدليل الدامغ بعد تحقيقات الأمم المتحدة في "خان شيخون" ، وهناك إجماع دولي على أنه استخدم السلاح الكيماوي أكثر من مائتي مرة طول السنوات السبع الماضية ، التي واجه فيها ثورة شعبه من أجل الحرية والكرامة ، وقد ساهم "تدليل" المجتمع الدولي له في زيادة شرهه للعنف والإرهاب ، كما أغراه وجود قوة عظمى بجيشها وطيرانها معه ، مثل روسيا ، في أن يتبجح ويستهتر بالقرارات الدولية والمؤسسات الدولية ، وبدون أدنى شك ، لا يجرؤ جيش بشار على إطلاق الرصاص على مفتشي الأمم المتحدة بدون إشارة توجيه أو ـ على الأقل ـ موافقة ، من قوات الاحتلال الروسي في سوريا .
يتندر السوريون بكل أسف وحزن هذه الأيام ، في ذكرى جلاء الاحتلال الفرنسي عن سوريا ، عندما يقارنون ما فعله الاحتلال بسوريا وشعبها ، مع ما فعله بشار الأسد بسوريا وشعبها ، يتذكر السوريون ـ بكل مرارة ـ أن الاحتلال الفرنسي قتل من السوريين حوالي تسعمائة شخص خلال ستة وعشرين عاما من الاحتلال ، بينما قتل بشار الأسد أكثر من نصف مليون سوري خلال سبع سنوات فقط ، إنها المقارنات المؤلمة والمحزنة التي يضطرنا لها نظم حكم فاشية مجرمة ، لم تعرف العرب لها مثيلا في وحشيتها ودمويتها من قبل .