الحملات المُبالغ فيها والمنتشرة كثيراً في أيامنا تلك والتي تحث الناس علي التبرع لبناء مستشفيات أو شراء أجهزة ومستلزمات للمستشفيات وكذلك لبناء منازل أو إدخال مرافق في القري الفقيرة في بعض المحافظات لم تقتصر علي وسائل الإعلام من صحف أو فضائيات الحكومي منها والخاص، بل إمتدت أيضاً لتذاع بعض حملات التبرع تلك في إذاعة القرآن الكريم، وهي إن كانت تحث الناس علي فعل الخير، لكنها قد تعطي صورة سلبية للخارج عن بؤس حال البلد وعجزه عن سد حاجات مواطنيه الأساسية.
في ذات السياق وضمن حملات التبرع لكن هذه المرة كانت بمجهود فردي من شخصية معروفة وهو الدكتور زاهي حواس ومع تقديرنا للدورالذي يقوم به في الدعاية الجيدة للآثار المصرية، لكنه أدهشنا عند إعترافه خلال ندوة يوم الإثنين الماضي حيث كان ضيفاً فيها بجامعة هليوبوليس وأمام الطلاب وهيئة التدريس وإدارة الكلية بأنه عزم بيل جيتس علي الغذاء ليتبرع لمصر لكنه لم يتبرع، وأضاف أنه نادم علي تلك العزومة، وتلك أولاً رسالة سلبية لشباب الطلاب تؤسس عندهم الإعتماد علي مجهود وأموال الآخرين في حل مشاكلهم أو مشاكل بلدهم وليس علي عاتقهم هم النهوض ببلدهم، كما تعلمهم التهوين من أمور التسول من الآخر، ليس هذا فقط، بل يتعملون أيضاً الفهلوة والتحايل ومحاولة الإستجداء.
المعروف أن بيل جيتس هو وقبل أن يكون أغني رجل في العالم فهو مهندس عبقري حيث وبمجهود شاق وعناء وتفكير خرج علي العالم ببرامج مبتكرة للكمبيوتر مثل ويندوز سهلت الكثير علي المستخدمين وهو أيضاً من قام بتأسيس شركة ميكروسوفت، ومن خلال عبقريته وليس فهلوته أصبح أغني رجل في العالم، ومع ذلك والذي يدعو لإحترام منهجه في إنفاق ماله دون سفه وإسراف، هو تصريحه بأنه يعطي أبناءه مصروف يكاد يكفيهم وموضحاً لهم قيمة العمل وقيمة المال حتي لا يصابوا بداء الغرور والتعالي علي أقرانهم بمال أبيهم وتلك أمراض تنتشر بشدة في مجتمعاتنا، وأنه لا يوجد شيء دون مقابل، وأن ما حصله هو من مال كان ثمرة مجهود وتعب ومن السفه والجهل أن ينفقه الإنسان بلا هدف أو عبثاً. إضافة لذلك فإننا جميعاً نقرأ ونسمع عن الاعمال الخيرية والجمعيات التي تحمل يقوم بتمويلها وخاصة في مجال الصحة في البلدان الفقيرة في أنحاء العالم.
لكن السؤال المُلِح هو هل كانت عزومة بيل جيتس تلك علي حساب الدكتور زاهي الشخصي؟ أم أنها كانت علي حساب المال العام؟، ثم ما الدافع الذي يجعل بيل جيتس يسارع بالتبرع في ظروف هذه العزومة والتي أظن أنها كانت بالكرم المصري الحاتمي والذي يجعل من يحضرها ويري كل ما تشتهيه الأنفس من ألوان الطعام وغيرها، الأمر الذي حتماً تجعل بيل جيتس أو غيره يحادث نفسه بأننا نحن المصريين ونحن نعيش في كل هذه الفخفخة والرفاهية بالتأكيد نحن الذين من عليهم أن يتبرعوا للآخرين وليس العكس!!!.