الأخبار
صالح الصالحى
الحكومة الجديدة
يكثر الحديث هذه الأيام عن التغيير الوزاري.. وتوضع سيناريوهات تحمل معاني مختلفة.. البعض يؤكد علي رحيل شريف إسماعيل وبعض وزرائه.. والبعض الآخر يراهن علي بقائه.. إلا أن لسان حال الغالبية العظمي من الشعب - متي سترحل الحكومة؟..
في تقديري أن الإلحاح في هذا السؤال إنما هو طمع ورجاء وأمل من الناس في مجيء حكومة جديدة.. تحمل معها أملا في حياة أفضل تخفف عن الناس آلام المعيشة.. وتهون عليهم ارتفاع الأسعار الذي أصبح فوق طاقة معظم الناس.. ولا يشفع معه برامج الحماية الاجتماعية، التي تؤكد الحكومة أنها ستزيد لمواجهة تخفيض برامج دعم الطاقة من كهرباء وبنزين وسولار.. وبالتالي زيادة في أسعار كل السلع.
الأمل في الجديد، حتي ولو كان مجهولا، هو وراء الإلحاح في السؤال عن تغييرات في صفوف الحكومة.. التي تعلن بشفافية عالية جدا أنها أقلعت عن المسكنات.. والجديد علي حد تعبير وزيرة التخطيط المهدئات.. وأنه لا مفر من تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي يعتمد علي اقتصاديات السوق الحرة، وتسعير الخدمات بسعرها الحقيقي دون تحمل الدولة لأية أبعاء أو دعم في ظل تهالك معظم مرافق الدولة مثل السكك الحديدية والمستشفيات والمؤسسات التعليمية.
كل هذه الخدمات تحتاج لمليارات من الجنيهات، لا تمتلك الدولة الكثير منها.
الحكومة تعتزم خفض عجز الموازنة بتخفيض المصروفات التي بلغت أكثر من تريليون و٤٢٦ مليار جنيه في ظل إيرادات حوالي ٩٨٩ مليار جنيه.. يعني العجز واضحا.
كل هذه الصراحة من الحكومة لم تثن الناس عن الحلم بحكومة أفضل من الحكومة الحالية.. اعتقادا منهم أن القادم كرئيس للحكومة سيقلل من الأعباء الملقاة علي المواطن.. ناسين أن الحكومة أيا كانت سواء الحالية أو القادمة مرتبطة بعقد مع صندوق النقد الدولي ببرنامج للإصلاح الاقتصادي تحصل مصر بمقتضاه علي ١٢ مليار دولار علي مدار ٣ سنوات.
في الحقيقة أن شخص المهندس شريف إسماعيل كرئيس للوزراء قد حقق نجاحات عند توليه قطاع البترول لم يتسن له أن يحقق نجاحا مماثلا له في رئاسة الوزراء، ربما لظروفه الصحية وربما أيضا للفريق الإعلامي المعاون له الذي يغفل كثيرا فتح قنوات إعلامية تكون وسيطا بين رئيس الحكومة والناس.. يشرح لهم طبيعة القرارات ويوضح لهم حقائق الأمور.. مكتفيا هذا الفريق بالبيانات الرسمية الصادرة عن الحكومة.. وهي في حقيقتها مقتضبة وأحيانا مثيرة للسخرية.. وأصبح المواطن يشعر معها بأن الحكومة تعمل في برج عال لا تشعر بآلام الناس.
لم يجتهد الفريق الإعلامي لرئيس الوزراء في شرح الكثير من القرارات للمواطن العادي وتقريب المفاهيم بينه وبين الحكومة.. فالمواطن المصري ذكي، متي يتفهم ظروف بلاده يصبر ويتحمل كل الصعاب، طالما أن الحكومة تحترم عقليته وتقدر معاناته، وتعده بحياة أفضل. وأن مرحلة عنق الزجاجة ستنتهي في وقت محدد.. وأن مرحلة الألم أوشكت علي الانتهاء.. وأن مرحلة جني الثمار قاربت.. أو شيء من هذا القبيل.
الحكومة سواء بقيت أو تغيرت عليها أن تعد برنامجا لمواجهة البطالة، ولا يكفي أن تعلن أرقاما عن أعداد العاطلين ونقول لها شكرا علي صراحتك!
لا.. إن مسئوليتك كحكومة ان تضعي المفاهيم في نصابها وأن تضعي الخطط وتبذلي من الجهد ما يخرج كل بيت مصري من هم وغم وجود عاطل أو أكثر في سن الشباب، أصبح يواصل الليل بالنهار في نوم عميق للهروب من واقع البطالة.. حتي وإن أعلنت الحكومة تشجيعها للاستثمار وما يترتب عليه من وجود فرص عمل.. لا تزال الحكومة مقصرة.. عليها ان تعد برنامجا يخلق فرص عمل حقيقية من خلال التنمية.. التي تحقق القوة الشرائية.. التي يستطيع بها كل إنسان أن يحيا حياة كريمة.
أري أن دور حكومة المهندس شريف إسماعيل انتهي.. استطاعت أن تحسن مؤشرات الاقتصاد وجعلته اقتصادا مستقرا اعتمادا علي صبر المصريين ودعمهم للحكومة.. فبدون دعم المصريين لهذا البرنامج، ما كانت الحكومة أن تحقق هذا النجاح.. ولم يعد لدي حكومة المهندس شريف اسماعيل أي جديد تقدمه، حتي وان حاولت ان تنتهي من ملفات مفتوحة لديها في بعض المشروعات التي لا أري لها جدوي أو مردوداً لدي الجماهير، أو علامات علي تأثيرها علي جموع المصريين، وإن كان لها بعض الإيجابيات ولكنها أولويات هزيلة.. الوقت الحالي يحتاج إعادة ترتيب الأولويات. فالحكومة تهدر وقتها في مشروعات أقل ما يقال عنها أنها بسيطة وتضيع الأيام دون أن تقتحم أهم الملفات.. والتي ينتظرها كل بيت في مصر.. ملف البطالة الذي لا يتحقق بالوعود الاستثمارية.
يجب أن تأتي حكومة يكون هدفها الأول هو حل هذه المشكلة وإلا سنظل كما نحن نحقق مؤشرات إيجابية في الموازنة العامة للدولة من جيوب المصريين دون عوائد تنموية.
رحلة المهندس شريف إسماعيل انتهت.. ونحتاج لحكومة جديدة يقودها مغامر يحرك عملية الإنتاج ويدفعه ليأكل كل بيت مصري من عمل يديه وليس من وظيفة إدارية بالية أصبحت عبئا علي مواردنا.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف