الأهرام
ليلى تكلا
المرأة المصرية بين المطالب والواجبات
مسألة حصول المرأة على حقوقها كمواطن كامل الأهلية لم تعد محل نقاش. استقرت كمبدأ وأصبحت فى طريقها إلى التنفيذ فى أغلب الدول. فى الساحة الدولية أصبح تقييم الدول وترتيبها حسب درجة التقدم يقوم على عدد من الاعتبارات منها مشاركة المرأة وقيمتها فى المجتمع.

المصرية التى لها رحلة كفاح طويلة، وحققت الكثير من مطالبها، حصلت على كثير من حقوقها خلال السنوات الثلاث الماضية سواء بالنسبة للمشاركة فى الوظائف العامة أو فيما يتعلق بمكانتها وتقديرها. الأمثلة كثيرة، كنا فى مجلس الشعب سعداء عندما زاد عدد العضوات من خمس إلى ست والآن أصبح هناك 90 نائبة. سعدنا يوماً أن لدينا وزيرتين وليس واحدة فقط والآن لدينا ست وزيرات. وأكرر أنه ليس المهم عندى أن تحصل المرأة على وظيفة هى ليست كفئا لها لمجرد أنها امرأة، الأهم ألا تحرم أى امرأة من وظيفة مؤهلة لها بسبب أنها امرأة.

هذا بالنسبة لشغل الوظائف أما بالنسبة لمكانتها واحترامها فقد اصبحت المصرية «عظيمات مصر وايقونة الوطنية» وأطلقت دعوة «احترام المرأة» التى اعتبرها نبراساً فى الحياة يرسى قواعد اسس حضارية انسانية فى الفكر وفى العلاقات. أصبح رئيس الدولة شخصياً المدافع عنها والمطالب بحقوقها. يعترف ويحافظ على كرامتها ويحترم مكانتها. حصلت على الوظائف والمكانة والتقدير، والمسيرة مستمرة.. لذلك أتوقف طويلاً أمام عدد من المقالات والخطب والتساؤلات والمداخلات التى طرحت فى عدد من اللقاءات وفى يوم المرأة هدفها الوحيد المطالبة «بحقوق للمرأة» دون أن يكون هناك توازن بين المطالبة والمساهمة بين الحق والواجب، بين الأخذ والعطاء. سمعنا من تسأل لماذا لا توجد لدينا وزارة للمرأة ومن تسأل هل يمكن أن تكون المرأة رئيسة لمجلس الوزراء وسمعنا من تطالب بأن يكون 30% من أعضاء البرلمان من النساء.. كلها مطالب مشروعة لكن لا يجوز أن يقتصر حديثنا دائماً على المطالبة.

هذا النهج اراه ناقصاً مبتوراً يركز على ما تريد المرأة الحصول عليه وهى تستحقه مع تجاهل دورها ومسئوليتها فى التصدى لمشاكل عامة والمساهمة فى الحلول. هناك جهد مبذول لكن ينقصه التنظيم والتركيز لا يتفق مع زخم قدراتها وحجم وطنيتها..

أصبح علينا الانتقال إلى مرحلة التركيز على الواجبات وليس الحقوق خاصة أن مصر تبدأ مرحلة جديدة هى ، حسب الدستور، آخر فترة رئاسة للرئيس السيسى ولن تكون خالية من التحديات الكثيرة خاصة فيما يتعلق بتنفيذ المرحلة الثالثة للإصلاح القتصادى وتداعياته. لقد راهن الرئيس على الشعب، على وطنيته وعلى ادراكه ضرورة تحمل التبعات الاقتصادية للإصلاح الذى لابد منه من أجل المستقبل وعلى الأخص الغلاء الذى نعانيه جميعا. لم يخذله الشعب. والمرأة التى كرمها الرئيس واحترم قدرها ودورها لها دور أساسى فى الانتهاء من مرحلة تبعات الإصلاح بسلام وصولاَ إلى مرحلة جنى الثمار.

إن جموع المرأة المصرية التى شاركت فى الثورات والاستفتاء والانتخابات. عبرت عن وطنيتها وثقتها فى الرئيس الذى أنصفها واحترمها.. وهى لا تطالب إلا بما يهم المجتمع كله والأسرة. قمنا باستقصاء محدود للتعرف عل مطالبهن كانت دائماً حول مشاكل المجتمع مثل الغلاء والأمان والعلاج والإسكان لم تكن قضية حقوق المرأة بالذات شغلهن الشاغل.

أصبح علينا جميعا المنظمات والمجالس والجمعيات الأهلية والقيادات النسائية استثمار وطنية جموع المرأة وحشدها من أجل مواجهة تحديات المرحلة وأن يكون يوم المرأة يوما نتعهد فيه لمصر والشعب والرئيس باصرارنا على المساهمة فى مواجهة مشاكل الوطن وذلك بأسلوب عملى باختيار إحدى المشاكل التى للمرأة دور محورى فى مواجهتها مثل المساهمة فى ترشيد استهلاك المياه حيث يمثل الفاقد 40% أو التوعية بمزايا الأسرة الصغيرة لمواجهة الانفجار السكانى الذى يلتهم كل ما يتحقق من تنمية أو نشر ثقافة حب العمل التى نفتقدها كثيراً ونحتاجها بشدة أو مشكلة الإدمان أو حماية الطاقة أو مقاطعة تجار الجشع أو حماية البيئة والنظافة. يتم اختيار مشكلة أو اثنتين من هذه المشاكل وخلال عام تستثمر جهود المرأة وقدراتها وعلاقاتها ووطنيتها بالتنسيق بين المنظمات النسائية والجمعيات الأهلية للمساهمة فى حل هذه المشاكل ثم نقدم لمصر فى يوم المرأة التالى حساباً عما تم انجازه.

وإيماناً بأن الأسلوب الصحيح لمواجهة المشاكل هو الانتقال من مرحلة ماذا ولماذا إلى مرحلة كيف أى عدم الاكتفاء بمجرد الحديث عن القضية وأهميتها إلى مرحلة توضيح كيفية تنفيذ الحلول لذلك وضعنا مشروع خطة تبين خطوات التنفيذ وتوضح الأجهزة المطلوب أن تشارك فى تنفيذها والآليات والوسائل المهم أن نبدأ معاً بالتنسيق والتكامل بعيدا عن الاختلاف أو التنافس، يجمعنا معاً الهدف المشترك وهو مصلحة الشعب والوطن.

إن المكانة والتقدير والإحترام والحقوق التى حصلت عليها المرأة والتى عبر عنها الرئيس بأسلوب عملى لابد أن يقابله من جانبنا عمل جاد ومشاركة فعالة. إن ارتباط المرأة بالوطن وارتباط الوطن بالمرأة يدفعنا الى أن نقطع على أنفسنا عهداً ونقدم وعداً لمصر وشعبها وقيادتها التى انصفتنا أننا سوف نسخر قدراتنا ودورنا المحورى فى المساهمة للتصدى لكل ما يسيء إلى مصر وسوف يكون يوم المرأة يوم العطاء الذى لا يقتصر على المطالبة بل يقوم ايضا على تقديم حساب عما تم من إنجاز. حفظ الله مصر.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف