علاء معتمد
نظام التعليم الجديد.. وبناء مصر الحديثة
أخيراً وصل قطار الإصلاح إلي محطة التعليم.. والحمد لله انه وصل حتي ولو كان وصوله جاء متأخراً جداً.. لكن كما يقال "أن تصل متأخراً خير من ألا تصل أبداً".
وإذا اختلف البعض مع الدكتور طارق شوقي وزير التعليم في أسلوب طرحه لنظام التعليم الجديد وعدم التمهيد الجيد له. إلا أننا يجب أن نشد علي يده. ونعتبر ان مجرد فتح ملف إصلاح التعليم أول خطوة في الطريق الصحيح لبناء دولة حديثة.
وبعيداً عن النقاش في جوهر النظام الجديد وطريقة تنفيذه إلا أن الأهم هو الجدية وتوافر الرغبة الحقيقية في الإصلاح. والاستفادة من تجارب الاخرين. والاستمرارية وعدم التوقف في منتصف الطريق. مثلما فعلنا في أوقات كثيرة سابقة. فليس من المنطقي أن يأتي كل وزير جديد لينسف ما فعله سابقه ويبدأ من أول السطر. وليس من الحكمة أن يتحول أبناؤنا إلي فئران تجارب لكل من تخطر علي باله فكرة يرغب في تجريبها.
والمهم في النظام الجديد أنه وضع يده علي الجرح وعلي المشاكل الرئيسية التي يعاني منها نظام التعليم الحالي. الذي يعتمد علي التلقين والحفظ وحشو أدمغة الطلاب بمناهج لا هدف منها إلا تجاوز ساعات الامتحان وبعدها يعود الطالب خاويا كما كان. وطرق تدريس بالية عفي عليها الزمن. ومدرسون لا يجيدون الشرح إلا في غرف الدروس الخصوصية ومدارس تدفع للتسرب والغياب وكراهية العلم والتعلم وتخريج جيل معقد نفسياً لا يصلح أبداً لقيادة بلد ولا لتحقيق نهضة نرجوها.
كل المخاوف في النظام الجديد أنه لم يعط المدرس الاهتمام والاعداد الكافي والتدريب والتأهيل اللازمين لضمان النجاح. ولم يشرح كيفية التغلب علي مشاكل متراكمة ومزمنة. أبرزها ضعف مرتبات المدرسين واعتمادهم بصفة رئيسية علي الدروس الخصوصية. وهو الأمر الذي قد يتسبب في محاولات لمقاومة تطبيق النظام بل والسعي- لقدر الله- لإفشاله.
إن توافر الإرادة السياسية لاصلاح التعليم أمر هام وضروري. لكنها لا تكفي وحدها للنجاح. بل علي المجتمع كله أن يدرك أن التعليم هو نقطة الانطلاق الرئيسية لبناء الدولة العصرية. وأن هذا البناء يتطلب تخريج جيل جديد مؤهل للقيادة وقادر علي اتمام البناء. وان استمرار تدهور التعليم وتفشي الأمية. يهدد بفشل أي خطط للاصلاح السياسي أو الاقتصادي. لانك ببساطة لن تجد الكوادر الفنية القادرة علي تنفيذ هذه الخطط وتحويلها إلي أمر واقع. فالاصلاح السياسي يتطلب أحزاباً بها قيادات وكوادر واعية بمشاكل مجتمعها. وقادرة علي وضع حلول عملية لهذه المشاكل. وهو أمر لا يقدر عليه الجهلاء والأميون. وبرامج الاصلاح الاقتصادي كلها تدعو إلي زيادة الإنتاج وإقامة مشروعات استثمارية جديدة. ولا يمكن للإنتاج أن يزيد أو للمشروعات الاستثمارية أن تنجح إلا إذا توافرت لها العمالة المؤهلة.
إن اصلاح التعليم هو اللبنة الأولي لبناء مصر الحديثة. وهي مهمة ثقيلة فلن تنجح الحكومة وحدها في تنفيذها. ولن يستطيع البرلمان بمفرده أن يحمل حملها. ولذلك يجب أن تتضافر جهود المجتمع ككل. لأن مصر الحديثة التي نحلم بها لن يبنيها إلا جيل من الشباب المتعلم الكفء القادر علي تحقيق الأحلام وتحويلها إلي حقائق ملموسة علي أرض الواقع.