الحديث عن الصحافة حالياً يحتاج إلي الكثير من التفكير.. رغم أنني لست من أنصار أن يتحدث الصحفي عن المهنة أو مشاكلها في الصحف. ولكن في بعض الوقت يحتاج الإنسان أن يفضفض عما بداخله في كلمات علي ورق.
المشكلة التي تواجه الصحافة في وقتنا الحاضر بشكل عام هي أزمة الثقة بينها وبين المسئولين. أو الشخصيات العامة. كل طرف يُحَـمِّل الطرف الآخر المسئولية.. فالشخصيات العامة تعتبر الصحافة عدواً يجب الحذر منه. وإغلاق الأبواب أمامها. وحجب المعلومات أمام الصحافة. التي من وجهة نظرهم تتطفل عليهم وتزعجهم.
من ناحية أخري يري الصحفيون أن كل يوم يصدر قرار في وزارة أو جهة لتحجيم دور الصحافة. والأمثلة علي ذلك كثيرة.. في المطار يمنع الصحفيين من التحرك بحرية.. كذلك الوضع في أغلب الوزارات والهيئات. وحتي أهل الفن والرياضة في معارك مع الصحافة. وكلها أمور جديدة علي المهنة.
والحقيقة أن كل طرف له الحق في بعض الأمور. وعليه اللوم في أمور أخري.. فالمسئولون والشخصيات العامة لهم الحق في الخصوصية والمصداقية في الأخبار. وعليهم اللوم في الخوف الشديد من الصحافة. والحساسية من أي خبر حتي لو كان نقداً بنَّاءً وحقيقي.. فرد فعل المسئولين يدل علي أنهم فوق النقد أو إبداء الرأي في أعمالهم حتي إذا جانبهم الصواب. فهناك "أرتكاريا" من الصحافة.
والصحافة لها الحق في الحصول علي المعلومات والتواصل مع المسئولين بصورة جيدة.. في الماضي كنا أصدقاء للمسئولين. وكان الاحترام متبادل. ولكن الوضع تبدل الآن. كما أن اللوم يقع علي الصحفيين في التسرع في نشر الأخبار دون التأكد من صحتها. وعدم احترام الحياة الخاصة للشخصيات العامة.
أما فيما يتعلق بالصحافة البرلمانية. التي أنتمي أنا إليها. وقد شاهدت العديد من المجالس. وعاصرت أساتذة وزملاء أعزاء وأكفاء في المهنة. أخشي أن أذكرهم هنا فأنسي أحداً منهم.. لكن الجميع كانوا علي مستوي المسئولية والحرفية الصحفية والتنافس الشريف. المبني علي الارتقاء بمهنة الصحافة.. لذا كانت العلاقة بالنواب ورؤساء المجالس علاقة صداقة واحترام متبادل. ولكن للأسف في الوقت الحالي تبدل الحال. فقد أغلقت شُرفَة الصحافة التي كانت شاهداً علي تاريخ المجلس. وأغلقت أبواب اللجان في وجه الصحفيين. وأصبحت العلاقة بين المجلس والصحافة علاقة فاترة ومتجمدة.
وفي الحقيقة هناك فرصة عن طريق عمل المحررين البرلمانيين في إطار الاحترام المتبادل مع المجلس في المواقف. وذلك من خلال انتخابات شعبة المحررين البرلمانيين التي كان لها دور بناء علي مدار السنين في بناء وضبط العلاقة بين الصحافة والمجلس. وهو أمر نحتاجه مرة أخري.