مؤمن خليفة
ألف خسارة علي القاهرة الجديدة
بدون أقنعة
كشفت الأمطار الأخيرة حجم الإهمال الكبير الذي نعاني منه عند إنشاء الطرق وخاصة في مدينة مثل القاهرة الجديدة وبالتبعية كل المدن العمرانية التي أنفقنا عليها مليارات الجنيهات ونسينا شبكة تصريف المياه وبالتالي ظلت مياه الأمطار في الشوارع تعطل حركة المرور عدة ساعات وتوقفت الحياة تماما في شارع التسعين وهو من أهم شوارع مصر للأسف الشديد.
من المسئول عن هذه الكارثة.. ومن المسئول عن تآكل طبقة الأسفلت في الطرق بسبب بقاء المياه فيها.. ولماذا دائما نقع في نفس الغلطة وخاصة في مدن جديدة نقوم بالبناء فيها وبدون تخطيط مسبق مع الوضع في الاعتبار أن هناك أنفاقا صرفنا عليها الملايين ولم تعد صالحة للسير حتي يتم نزح المياه منها ؟.. لماذا لا نعتبر الأمطار نعمة يمكننا الاستفادة منها في ري الزراعات والحدائق وتخزين الفائض منها لوقت نحتاج إليها... ألف باء إنشاء الطرق طالما نحن نعمل بأحدث المواصفات العالمية هو الإطمئنان تماما علي شبكة المرافق تحت الأرض وهي علي شكل خرائط معروفة للمحليات فإذا وجدت نقوم بالسفلتة ليصبح الطريق جاهزا وصالحا للعمل.. فلماذا ننتظر هطول الأمطار لنكتشف عوراتنا التي نعاني منها منذ عقود طويلة.
هل تتحمل ميزانية الدولة حفر الطرق مرة أخري لإصلاح مشاكلها وأين الشركات التي تعمل فيها وتحديد مسئولياتها.. الغريب أن يحدث ذلك في بلدنا بعد أن شيدنا شبكة عظيمة مثل مترو الأنفاق وأصبح لدينا خبرة كبيرة في أعمال الطرق.
يا دكتور مصطفي مدبولي.. كيف تسمح بإنشاء شوارع كبيرة في المدن الجديدة بدون شبكات تصريف المياه.. نرجو منك مراجعة صور شارع التسعين بعد هطول الأمطار مساء الثلاثاء لتعرف حجم الخسارة الكبيرة التي تتحملها الدولة والمواطن بعد أن وضعنا نصف ثروتنا في هذه المدن.. كانت السيارات تسبح في الشارع وكأنها تعوم في مياه البحر.. لو وجدت شبكات تصريف المياه أو كانت لا تعمل بكفاءة فهذه مهمة الأجهزة المعنية ولا يجب أن يمر الأمر بسلام.. وما نحكيه عن شارع التسعين مجرد مثال أو مجرد عينة لشوارع أخري كثيرة في بقية المدن الجديدة.. ونقول المدن الجديدة لكي نعلم أن هناك كارثة بكل المقاييس.. فليست القاهرة القديمة التي تعاني منذ عقود ولم يعد الإصلاح يجدي فيها لمشاكل كثيرة في شوارعها الضيقة والضغوط الشديدة علي شبكات المرافق.. لكن عمر مدينة مثل القاهرة الجديدة يعود لسنوات تعد علي أصابع اليد الواحدة وأقدم مدينة مثل 6 أكتوبر لا يتعدي ٢٥ عاما علي أكثر تقدير !
لقد توقفت حركة المرور علي الطريق الدائري مساء الثلاثاء لساعات عديدة وتكدست السيارات بصورة مؤسفة وكأنه يوم الحشر وشعر الجميع بالاختناق وشعروا بالندم علي خروجهم من بيوتهم في هذه الساعة.
في بلد خليجي شقيق.. وقبل سنوات طويلة أصدر فضيلة المفتي بها قرارا بألا تكتب الصحف عناوين مثل سقوط الأمطار وشدد علي كتابة هطول الأمطار لأنها أمطار خير وبركة وليست شرا فبهطولها تعود الحياة إلي الزرع الذي يموت ويحتاجها الإنسان الذي يتخذ من الصحراء والمناطق البعيدة مسكنا له.. هذا نوع من الحمد لله العلي القدير علي نعمته علي الإنسان لكننا في مصر نخشي المطر حيث يكشف عوراتنا وإهمالنا في حق وطننا ويجدد أحزاننا في مقاول فقد ضميره ومسئول يتغاضي عن مخالفات جسيمة عند تسليم الطريق ثم ندعو الله أن يقينا شر الطريق ونحن نسير عليه ونقنع أنفسنا بأن العمر واحد والرب واحد وأن أي حادث هو قضاء وقدر !