الأخبار
خالد جبر
محمد صلاح.. الله لا يخذل المجتهدين
أضواء وظلال
قد يري البعض أن كرة القدم مجرد لعبة يلهث فيها ٢٢ لاعبا وراء كرة محاولين إحراز هدف في مرمي الخصم أو منع هدف يدخل مرماهم.
هي كانت كذلك فعلا عندما ابتكرها الانجليز في القرن التاسع عشر.. لكنها طوال السنوات الطويلة الماضية سحرت عقول وخطفت قلوب الملايين.. وتحولت من مجرد لعبة إلي مصدر متعة وسعادة الملايين.. وتحولت إلي مصدر رزق للملايين من اللاعبين والفنيين والاداريين والصحفيين والاعلاميين.. والمرتزقة الذين يعيشون علي » قفا »‬ كل هؤلاء.
وتحولت إلي صناعة ضخمة تتعامل بالمليارات شراء وبيعا وتسويقا.. تمولها كبري الشركات العالمية.. ويتابعها ويدفع من أجلها مليارات البسطاء والأغنياء حول العالم.
المتعة التي يشعر بها الناس وهم يتابعونها أصبحت تفوق كثيرا من المتع الأخري.. وأصبح اللاعبون نجوما ارتفعت قيمتهم إلي المليارات ربما يحسدهم البعض عليها.. ولكن كل دولار أو جنيه يدخل جيوبهم يحقق آلافا تدخل خزائن الرعاة والممولين.
كانت مصر بعيدة إلي حد كبير عن العالم الحقيقي للعبة.. وغرقنا في المحلية التي لا تعرف المعني الحقيقي لكرة القدم.. الا من بعض الانتصارات القارية بين الحين والآخر.. وبعض لاعبينا الذين احترفوا في الخارج في تجارب محدودة بعضها نجح نسبيا ومعظمها فشل بالثلاثة.. إلي أن جاء الفرعون المصري.
من قرية صغيرة بسيطة لا يعرفها أغلب المصريين جاء الولد المصري البسيط.. كان حلمه أن يلعب الكرة في أحد الأندية الشهيرة.. جاء إلي نادي المقاولون العرب.. وكان يقطع المسافة يوميا بين قريته والنادي في أربع ساعات متنقلا فيها بين خمس مواصلات حتي يحقق حلمه.
أي حلم هذا الذي كان في خياله.. وأي دعوات تلك التي كانت تصاحبه في مشواره.
هل كان يحلم بما وصل اليه.. هل كان يتخيل أن يكون ملكا متوجا علي عرش الكرة في البلد التي اخترعت الكرة.. هل كان يحلم بأن يكون صانع السعادة لكل المصريين وأن يقود فريقها إلي كأس العالم بعد غياب طويل جدا فشل فيه أكثر من جيل في تحقيق الأمل.
محمد صلاح.. لم يعد فقط محبوب الناس في مصر.. بل أصبح معشوق كل المصريين الذين يتابعون كرة القدم أو غير المهتمين بها.. أصبح فخرا لكل العرب بعد أن أصبح أعظم لاعبي العرب علي مر التاريخ.. وأحد أعظم لاعبي القارة الأفريقية وها هو يقترب من أن يكون الأعظم بعد أن يكسر كل الأرقام القياسية التي كسر الكثير منها.
بقي أن يصبح محمد صلاح الأعظم في العالم.. وهو علي بعد خطوات منها.. بعد أن يتوج ببطولة أقوي دوري في العالم وهو دوري أبطال أوروبا.. وبعد أن ينجح مع زملائه لاعبي المنتخب الوطني في تحقيق نتائج جيدة في كأس العالم.. وبعد أن يكسر احتكار رونالدو وميسي للكرة الذهبية الذي استمر عشر سنوات.
نعم صلاح قادر علي تحقيق هذا الحلم لنفسه وللمصريين.. فما يملكه من مهارات يؤهله لهذا.. وما يصاحبه من دعوات يقربه إلي هذا.. والأهم هو ما يملكه من اصرار وجدية والتزام.. والأكثر أهمية هو اقترابه من الله والتزامه في حياته وتواضعه في سلوكه وتصرفاته.. ثم هناك البر بأهله وأبناء قريته.. وحبه للوطن والشعب والقائد.
محمد صلاح نموذج للشباب المصري المسلح بالموهبة والارادة والاصرار.. هو ابن نفسه.. خرج من منظومة ادارية ناجحة في المقاولون العرب.. لاعبا مغمورا لم تنتبه اليه مقصلة الزمالك والأهلي قاتلة اللاعبين.. خرج إلي الدنيا الواسعة وشق طريقه بنفسه إلي أن أصبح أحد أهم نجوم العالم.. وربما يصبح أهمهم علي الاطلاق.. فقط ادعوا الله أن يحميه.. من كل من يحاول أن ينسب لنفسه أي جزء من مسيرة نجاحه.
هل لدينا أكثر من صلاح.. بالطبع هناك أكثر.. ولكن تعلموا منه ومن مشوار نجاحه.. وكونوا علي ثقة بأن الله لا يخذل المجتهدين.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف