فيتو
رمضان البية
من رحاب الحبيب المصطفى
عزيزي القارئ أكتب لك مقالتي من أكرم بقاع الأرض وأطهرها وأحبها إلى الله تعالى، من روضة الحبيب المصطفى سيد الأنام عليه وعلى آله أفضل الصلاة وأتم السلام، حيث بيته وفيه مرقده الشريف وبجواره صاحباه ووزيراه خليفته على المسلمين سيدنا أبا بكر الصديق، وسيدنا الفاروق عمر بن الخطاب، أمير المؤمنين رضي الله عنهما وعن الصحابة أجمعين.

أكتب وقد أشرفت الرحلة على الانتهاء، تلك الرحلة الروحية التي أكرمني الله تعالى بها، وتمتعت فيها بزيارات عديدة للحبيب المصطفى وصاحبيه الصِّدِّيق والفاروق رضي الله عنهما، والصلاة في مسجده الشريف، وزيارة مراقد بقيع الغردق، تلك البقعة المباركة التي شرفها الله وحباها من بين بقاع الأرض، التي قدر سبحانه وتعالى أن تكون مراقد للمسلمين.

فقد جعلها سبحانه مرقدًا لأطهر الأجساد وأحبها وأكرمها عليه عز وجل، ولا شك أن في مقدمتهم وعلى رأسهم سيدة نساء العالمين السيدة فاطمة الزهراء البتول، شبيهة أبيها خَلْقًا وخُلُقًا رضي الله عنها، وشقيقها الإمام الحسن سبط النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وحليم آل بيت النبوة، وإحدى ريحانتاه، وسيدي علي زين العابدين ابن الإمام الحسين المُكنَّى بالسَّجَّاد، والعابد، والزاهد، والناسك، والبار، ومعهم الكثير من آل بيت النبوة من ذرية الإمام الحسن والإمام الحسين.

بالإضافة إلى نساء النبي، أمهات المؤمنين، والسادة التابعين وتابع التابعين وأكابر علماء الأمة رضي الله عنهم وأرضاهم، هذا ولشرف المكان وعظيم مكانته جاء في هدي النبي الكريم صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من استطاع منكم أن يمت في المدينة فليفعل"، هذا وقد كانت لي زيارات وزيارات لسيد الشهداء وأسد الله ورسوله سيدنا الحمزة بن عبد المطلب عم رسول الله وصاحبه وشهيد أحد، هو وسيدنا مصعب بن عمير صاحب رسول الله ومبعوثه ورسوله إلى المدينة المنورة قبل هجرته عليه الصلاة والسلام، وسيدنا عبد الله بن جحش وباقي شهداء أُحُد من صحابة الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام.

وكم تمتعت بالجلوس على جبل الرماة ومشاهدة سيد جبال الأرض جبل أُحُد الذي كرمه رسول الله بقوله: "أُحُد جبل يحبنا ونحبه"، ومعلوم أنه كان إذا اعتلاه النبي صلى الله عليه وسلم كان يهتز فرحًا وسعادةً وحبًّا للحبيب" ولا يسكن حتى يسمع صوت النبي وهو يقول له آمرا: "اثبت أُحُد"..

ولا أنسى تلك السهرات المحمدية مع أشراف أهل المدينة والمحبين ونحن في رحابه، هذا بالإضافة إلى المساجد المكرمة التي شرفها رسول الله بالصلاة فيها وتعطرت بأنفاسه الطاهرة منها مسجد قباء ومسجد الجمعة الذي صلى فيه النبي أول جمعة في الإسلام، ومسجد ذي القبلتين الذي صلى فيه رسول الله وهو متوجهًا إلى المسجد الأقصى أول قبلة للمسلمين في أولى ركعات صلاة العصر، وفي أثناء ذلك جاء الوحي الإلهي للنبي وهو في صلاته باستجابة ندائه القلبي بتحول القبلة إلى بيت الله الحرام بمكة المكرمة.

فأتم النبي الكريم صلى الله عليه وسلم صلاة العصر وهو متجهًا نحو بيت الله الحرام، وزرنا السبع مساجد وغيرها، هذا وقد أكرمني الله تعالى برفقة طيبة من أشراف المدينة وأهلها وقد أخذوني في جولات سياحية داخل المدينة المنورة وحولها وشرفت بالمرور على أماكن وطأها رسول الله عليه الصلاة والسلام بقدمه الشريفة، وأماكن كان يجلس فيها وآبار نبع منها الماء ببركة ريقه الشريف وشرب منها.

هذا ولن أنسى الجمال والسعادة الروحية حينما أخذوني لزيارة مرقد السيدة آمنة أم خير خلق الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنها، فقد شرفت بحمل النبي النور، ومرقدها الطاهر يقع بين مكة والمدينة، وكذلك شرفت بزيارة شهداء بدر رضي الله عنهم الذين قال رسول الله في فضلهم: "لعل الله قد اطلع على أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم فإني قد غفرت لكم".

هذا وكم سعدت بمكة المكرمة بعد أداء مناسك العمرة بزيارة أمنا الكريمة العظيمة حاضنة الرسالة والرسول، أم المؤمنين السيدة خديجة رضي الله عنها، وسيدي القاسم ابن رسول الله، والسيدة أسماء ذات النطاقين، وزوجها الزبير بن العوام، وولدها عبد الله بن الزبير، والكثير من الصحابة والتابعين.

هذا والرحلة تحمل من الذكريات الكريمة التي سعد بها القلب وسمت بها الروح الكثير والكثير فلله الفضل والمنة، والحمد لله قد دعوت لكل الأهل والأحباب والأصدقاء ولمصرنا الحبيبة ولسائر بلاد المسلمين، مضت أيام الرحلة الروحية بعد أن أمضيت خمسة عشر يومًا في الجنة وتنسمت بأنفاس الحبيب صلى الله عليه وسلم وأنفاس أهل بيته والصحابة والصالحين، وفي الختام أذكر قول الله تعالى الذي أوحاه إلى حبيبه عند فراقه لمكة المكرمة وهو باكٍ حزين فكان الفتح والعودة إليها بعد ذلك وهو: "إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى ميعاد".
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف