على فاروق
بالمرصاد حاسبوا.. المتقاعسين !!
لاشك أننا ندفع الآن ثمن أخطاء جسيمة وقعت علي مدي الـ 40 عاماً الماضية وأدت إلي ما نحن فيه من تدهور وانفلات في العديد من القطاعات.
ولاشك أيضاً أن الدولة بدأت تعود بقوة منذ أن تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي مسئولية الحكم في البلاد حيث تم توجيه ضربات قوية إلي الفساد الذي استشري في كل مؤسسات الدولة.. وبدأ في إقامة نهضة حقيقية ستغير وجه الحياة علي أرض مصر خلال السنوات القليلة القادمة.
ولكن مازال المشوار طويلاً حتي نقضي تماماً علي هذا الفساد الذي انتشر علي مدي الـ 40 عاماً الماضية.
وفي رأيي أن هذا الفساد بدأ ينتشر مع بداية تطبيق الانفتاح الاستهلاكي عام 1974 والذي أطلق عليه كاتبنا الكبير الراحل أحمد بهاء الدين ــ وبحق ــ انفتاح السداح مداح وكانت نتائجه كارثية حيث توقفنا عن الإنتاج وأصبحنا نفضل الاستيراد بدعوي أن المستورد أفضل وأرخص!! وتوقفت العديد من المصانع عن العمل والإنتاج وانتعش سوق الاستيراد حتي أصبحنا نستورد ما يزيد علي 70 في المائة من احتياجاتنا من الخارج!!
حتي "الفول" الغذاء الأساسي لملايين المصريين أصبحنا نستورده من الخارج!!
وخلال الـ 40 عاماً الماضية خسرنا أكثر من مليوني فدان من أجود الأراضي الزراعية التي كانت تنتج كميات هائلة من الخضر والفاكهة.. وحولنا هذه الأراضي الخصبة إلي أحياء عشوائية قبيحة الشكل تم إقامتها في غيبة القانون.. بعد أن أصبح المال يسيطر علي كل شيء!!
في الستينيات من القرن الماضي نجحنا في تطبيق العدالة الاجتماعية وإذابة الفوارق بين الطبقات.. وأصبح الفرق بين الغني والفقير محدوداً.. بينما بعد تطبيق "انفتاح السداح مداح" عاد مجتمع النصف في المائة مرة أخري حيث يمتلك كل شيء بينما الغالبية الكاسحة من الشعب لا يملكون شيئاً!!
أصبح هناك من يمتلك الملايين والمليارات من الجنيهات.. بينما هناك كثيرون لا يجدون قوت يومهم ويضطرون للبحث في صناديق القمامة عن لقمة عيش يسدون بها جوعهم!!
واستمر الحال علي هذا الوضع طوال 40 عاماً كاملة منذ عام 1974 وحتي عام 2014.. عندما تولي الرئيس السيسي مسئولية الحكم ليبدأ في إصلاح الأخطاء الكارثية التي وقعت علي مدي الـ 40 عاماً.
قرر الرئيس السيسي الحد من الاستيراد من الخارج والاعتماد علي الإنتاج المحلي والتوقف عن استيراد السلع الاستفزازية مثل أطعمة القطط والكلاب والكاجو وغيرها.. مما أدي إلي توفير أكثر من 45 مليار دولار كان يتم انفاقها علي استيراد هذه السلع.. وعادت الحياة إلي العديد من المصانع التي كانت قد توقفت عن العمل.. وزاد إنتاجنا وبالتالي ارتفعت قيمة صادراتنا من مختلف السلع مما وفر للدولة مليارات الدولارات يتم استخدامها في إقامة مشروعات قومية كبري علي رأسها استصلاح وزراعة 1.5 مليون فدان لتعويض الخسائر التي لحقت بالإنتاج الزراعي علي مدي 40 عاماً.
ولكن مازال أمامنا الكثير الذي يجب أن نفعله خلال السنوات القادمة حتي تعود الدولة بشكل كامل.. وحتي يطبق القانون علي الجميع.. الكبير قبل الصغير.
لقد كشفت الكارثة التي وقعت خلال الأيام الماضية في منطقة التجمع الخامس عن حجم الفساد الذي حدث في بدايات الألفية الثانية عندما أنشأنا مدناً جديدة تكلفت مليارات الجنيهات ووصلت أسعار الشقق والفيلات إلي ملايين الجنيهات بينما أنشأنا بنية تحتية غير مطابقة للمواصفات وغير قادرة علي استيعاب الزيادة السكانية حتي ان أمطاراً غزيرة لم تستمر سوي ساعات قليلة كشفت هذا الفساد وأدت إلي خسائر هائلة!!
صحيح أن الحكومة والأجهزة الرقابية لم تتقاعس.. بل تحركت علي الفور.. ووجدنا الوزير محمد عرفات رئيس هيئة الرقابة الإدارية في موقع الكارثة ليحقق بنفسه في أسباب توقف 19 محطة رفع عن العمل وعدم تحرك جهاز القاهرة الجديدة لإنقاذ المواطنين المتضررين.
كما تحرك د.مصطفي مدبولي وزير الإسكان ونزل مع قيادات وزارته ليتابع بنفسه جهود إعادة الحياة إلي هذه المناطق مرة أخري.
هذه الكارثة التي تسببت في خسائر بملايين الجنيهات يجب أن تدفعنا لفتح ملف المدن الجديدة التي أقمناها علي مدي السنوات الماضية وبدأت العشوائيات تزحف عليها في غيبة أجهزة المجتمعات العمرانية الجديدة!! حيث تحولت العديد من الأدوار الأرضية إلي محلات وورش.. دون أن تتحرك الأجهزة المعنية لمواجهة هذه التجاوزات الخطيرة التي تهدد هذه المدن "الراقية" بالتحول إلي مناطق عشوائية جديدة!!
لقد انفقنا خلال السنوات الأربع الماضية مليارات الجنيهات للقضاء علي المناطق العشوائية ونجحنا في إقامة مساكن حضارية لأهالي العشوائيات.. ومن غير المعقول أن نترك الأحياء الراقية حتي تتحول هي الأخري إلي عشوائيات!!
لابد من حساب المتقاعسين الذين تسببوا في الكارثة التي حدثت في التجمع الخامس.. كما فعلنا مع محافظ الاسكندرية الأسبق الذي فشل في التعامل مع الأمطار الغزيرة وتم إجباره علي تقديم استقالته.
لن ينصلح حال هذا البلد إلا بتطبيق القانون علي الجميع وتطبيق مبدأ الثواب والعقاب في كل المؤسسات ومواقع الإنتاج.. والتوقف عن المساواة بين من يعمل ومن لا يعمل.. بل لابد من مكافأة الذي يعمل ومعاقبة من لا يعمل.
وبدون ذلك ستستمر حالة الفوضي والانفلات.. ولن نتقدم خطوة واحدة إلي الأمام.
حفظ الله مصر وشعبها وقيادتها من كل سوء.