الأخبار
الهام ابو الفتح
شقة علي البحر في التجمع الخامس
لحظة صدق
من أكثر الدعابات الساخرة التي ترددت في مصر خلال الأيام الماضية أنه لدينا شقة علي البحر في التجمع الخامس والتي حول بها المصريون معاناتهم إلي نكتة كالعادة.. هذه النكتة عبرت عن حالة الشلل التام وغرق شوارعنا، التي شاهدناها يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين.. والغضب الذي شعر به سكان القاهرة الجديدة بعد غرق الشوارع والفيلات والسيارات والمحلات بشكل شبه كامل داخل برك المياه التي تكونت بفعل السيول.. ولديهم كل الحق في شعورهم بالاستياء فهو أمر يتكرر كل عام.. فنري نفس المشاهد بنفس السيناريو كل مرة في مدينة مختلفة ،مرة الاسكندرية ومرة البحيرة وغيرها من المحافظات.. ولكن كعادة المصريين حولوا الكارثة والمرارة إلي كوميديا وفكاهة، فنشروا صورا لأتوبيس نقل عام يسير غارقا في مياه الأمطار تحت عنوان :نبارك لأخواتنا في التجمع الخامس علي دخول الأتوبيس النهري... وشخص يعبر الشارع مستلقيا علي عوامة علي شكل "وزة".. لكن المفزع والكارثي ماشاهدناه من انهيار سور الغابة المتحجرة الأثرية التي تعود إلي ماقبل التاريخ، نتيجة عدم وجود سيارات لسحب المياه أو أماكن لصرفها.. وهي خسارة فادحة، وانتشار أسلاك الكهرباء غير المغطاة،بعد أن سقطت من أعمدة الإنارة، وتعرض حياة اناس للخطر من انهيار اسقف مراكز تجارية كبري وانفاق تم انشاؤها مؤخرا،كنا نعتبرها رمزا لمصر الحديثة ومعمارها الجديد نتباهي ونفخر بها وندعو الاصدقاء والسياح لزيارتها.. لكن مع الاسف،الكارثة كشفت المستور وعرفنا أنها مجرد مبان من ورق وبنية تحتية واهنة وهشة.. لم تصمد أمام أول اختبار لها مع الطبيعة.. فهل درسنا لماذا حدث هذا في القاهرة الجديدة والتجمع الخامس ولم يحدث مثلا في مدينة 6 أكتوبر والشيخ زايد وغيرها من المدن الجديدة..
الدولة تحركت علي أعلي المستويات ،الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي شعر بالمواطن ومدي ما تعرض له من تراكم مياه الأمطار في الشوارع والميادين وإصابتها بالشلل علق خلال صفحته علي "تويتر" قائلا: »أتفهم حالة المعاناة التي ألمت ببعض المصريين نتيجة آثار تساقط الأمطار بشكل مفاجئ وغير معتاد عليه خلال اليومين الماضيين.. وأؤكد أن الدولة بجميع أجهزتها ستكثف من جهودها لتلافي حدوث مثل هذه الآثار مرة أخري".
واحالت الرقابة الإدارية عددا من كبار المسئولين بالقاهرة الجديدة للنائب العام مع ايقافهم عن العمل لمحاسبة كل من أخطأ وأهمل في حق شعب مصر من أجل مكسب مادي خاص وفساد اعتدناه في المحليات منذ عصور.. واعتذرت الحكومة وأعلنت أسفها وأنها ستتخذ الاجراءات اللازمة لسرعة الاستجابة وتلافي مثل هذه الأزمات في المستقبل.
نحن جميعا نعرف أنها كارثة طبيعية وأن هناك تغيرات مناخية يواجهها العالم كله ويستعد لها.. ولكننا لم نتحرك.. ولم نستعد.. وليس لدينا ادارة للأزمات تنسق وترتب وتتصل بالوزارات المعنية وتدير الأزمة بحرفية.
منذ 20 عاما ونحن ننادي بترويض السيول والاستعداد لمواجهتها.. بإصلاح البنية الأساسية وعمل مصارف وبالوعات لمياه الأمطار.. ودراسة مخرات السيول في المحافظات ومراجعة خرائطها ،فقد تم البناء علي معظمها وقد تسبب في مأساة لانحتملها.. مثلا مخرات السيول عند طرة تم انشاء مبان ومحطات مياه عليها.. ومع اي مواجهة للسيول ستكون هناك كارثة اقتصادية وانسانية.. لابد من مراجعة كل مخرات السيول الموجودة في مصر ومعرفة هل تم البناء عليها وعلي اي اساس.
غدا كما قالت الارصاد ستحدث أمطار وسيول جديدة.. ساعتها سنعرف هل استوعبت الحكومة درس الاسبوع الماضي أم لا.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف