الأهرام
محمد حسين
عند مفترق الطرق الحوت «الأسود» !
فى النهاية، ودون التهوين من خطرها القاتل، فإن «الحوت الأزرق» مجرد لعبة، يمكن الفرار من تبعاتها، كما أنها اختيارية، لا تفرض على أحد، وهى لا تستحق كل هذا الرعب والصخب، فالذين يموتون منتحرين لاسباب كثيرة، أكثر عددا من الذين يبتلعهم «الحوت الأزرق».

ليس الخطر هو «الحوت الأزرق»، وإنما «الحوت الأسود» الذى «يفرخ» حيتانا سوداء بلا حصر، تلتهم ضحاياها قطعة قطعة، وتتركهم يواجهون مصائرهم البائسة، فى ظلمات من الفقر والجهل والمرض بلا رحمة، أو اعتبار لقيمة إنسانية.

الحوت الأسود هو الواقع بكل مجالاته، حين تغيب العدالة والحرية والكرامة، وتتحول المصائر الإنسانية إلى لعبة واقعية، تنتهى فى الغالب، بهزيمة ساحقة للفقراء والضعفاء، الذين لا تحتمل قواهم النفسية والعقلية، المعاناة المستمرة بالبقاء فى «بطن» الحوت، دون أمل فى الخروج.

حيتان الواقع أكثر شراسة ونهما وفسادا، من «الحيتان الافتراضية»، فهى تأكل لحوم الشعوب حية، وتفترس حاضرها ومستقبلها، بعد إن أتت على ماضيها القريب والبعيد، وتركتها فى فقر وعوز وخوف، وانعدام الكرامة الإنسانية.

صائبة تماما هى الشعوب، عندما أطلقت اسم «الحيتان»، على الفاسدين والمستغلين والمحتكرين، فالحوت ـ فى المخيلة ـ وحش قادر على ابتلاع كل شيء، حتى الأوطان.

الحوت الأسود هو الذى يستحق إن نفزع منه، ونواجهه بكل قوة وإرادة، حتى نشق بطنه، ونخرج إلى نور الحياة.

فى الختام.. يقول نزار قبانى:

« جلودنا ميتة الإحساس

أرواحنا تشكو من الإفلاس
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف