تتسابق العواصم الغربية وتوابعها في المنطقة وأذرعها الإعلامية في الدعوة إلي التعجيل باستئناف مفاوضات جنيف الخاصة بالأزمة السورية بعد فشل العدوان الثلاثي في تحقيق أي أهداف عسكرية أو أمنية أو سياسية.
أظن أن ذلك يرجع إلي التغطية علي فشل العدوان وعلي فضيحة فبركة فيديو السلاح الكيماوي الذي استخدمته أمريكا وبريطانيا وفرنسا لشن العدوان.
فضيحة الدول الثلاث بجلاجل في كل أنحاء العالم وبالذات في وسائل إعلامهم وبدت صارخة في سخرية الشخصيات المعروفة باستقلاليتها والأحزاب المعارضة من فجاجة التزييف للوقائع والسخرية من الأسباب المعلنة وتأكدهم أنها تتناقض تماماً مع الأسباب الحقيقية وأن الدوافع وراءه أمور شخصية لترضية أطراف بعينها في المنطقة.
وللخروج من هذه الورطة تحاول العواصم الثلاث التغطية علي فضيحتها بالتركيز علي مسار الحل السياسي بالإيعاز للمبعوث الدولي لسوريا استفان دي مستورا للقيام بجولة في عواصم الحلف المناهض لجس النبض وحثها علي التعجيل باستئناف مفاوضات جنيف ولكن دي مستورا وجد ردوداً "باردة" جداً تعكس عدم استعجال تلك العواصم الذهاب إلي جنيف مع تحقيق الجيش العربي السوري وحلفائه انتصارات هائلة في الميدان وفي المصالحات والتي بمقتضاها أصبح الحزام الأمني المحيط بالعاصمة خالياً من أي إرهابي لأول مرة منذ 7 سنوات وبالتالي لم تعد هناك تهديدات حقيقية أو خطيرة لدمشق ومن شأن ذلك تخفيف الضغوط الكبيرة عن كاهل الجيش العربي السوري وحلفائه وإتاحة خيارات سهلة أمامه للتخلص من البؤر الإرهابية الصغيرة في الجنوب والشمال.
هذه الانتصارات السورية تفرض واقعاً سياسياً جديداً مغايراً تماماً للواقع الذي كانت تعكسه تباينات الميدان في الأعوام السبعة الماضية والعواصم الغربية تدرك ذلك وليس أمامها إلا التسليم بهذه الحقائق والرضوخ لنتائجه الميدانية والسياسية وتتوقف عن تضليل الرأي العام ولا تضحك علي نفسها وعلي تابعيها وعلي العموم فإن السياسة الغربية براجماتية وتدرك أنها حققت جزءاً كبيراً من مخططها في تدمير الدول الرئيسية في المنطقة التي تهدد إسرائيل وحصلت علي مئات المليارات من الدولارات وربما يكون ذلك كافياً لرفع يدها عن الملف السوري مؤقتاً والاتجاه إلي ملفات أخري في الشرق الاسيوي لابتزاز كوريا الشمالية والصين وروسيا وإيران.
وعلي الدول العربية أن تكون علي درجة من الوعي واليقين بأبعاد محاولة توريطها في المستنقع السوري لإرسال قوات لملء الفراغ بعد سحب ترامب قواته من شرق سوريا لخلق المزيد من الصراعات العربية لإطالة امد الأزمة وتعميقها واستمرار عملية التدمير للدولة السورية واستنزاف قدراتها والقدرات العربية لصالح أمن الكيان الصهيوني.