الوفد
محمود غلاب
حكاية وطن الحساب
أن تغرق حارة أم توتو المتفرعة من شارع الصابرين التابع لحى عشانا عليك يارب فى مياه الأمطار فهذا شىء عادى لأنها متعودة دايماً على رفع شعار ياما دقت على الراس طبول، لكن أن يحدث نفس الشىء فى أحياء الأكابر بالقاهرة الجديدة والتجمع الخامس والرحاب ومدينتى فهذه كارثة وفضيحة بجلاجل يجب ألا تمر مرور الكرام إلا إذا سالت على جوانبها قرارات تكتب بمداد الجرأة لخلع المتقاعسين والمهملين والمأنتخين خلعاً بائناً لا راجعة فيه، ويأتى غيرهم يؤمنون بأن العمل واجب وليس مجرد مكتب مكيف وسكرتارية، ووجه حسن ومرتب معتبر آخر الشهر وخلافه.
فى ثوانٍ معدودة كانت القاهرة الجديدة وملحقاتها تتنفس تحت الماء، مياه الأمطار ارتفعت فى الشوارع أمتاراً، والسماء نزلت عليها مدراراً، وهذه نعمة تقام لها صلوات الاستسقاء فى البلدان التى لا تملك مصادر مياه للزراعة، ولكن عندنا تتحول الى نقمة بسبب سوء الإدارة وسوء التخطيط وسوء المواجهة وسوء المتابعة وسوء الضمير، ومجموع هذه السوءات يؤدى إلى سوء العاقبة الذى شاهدناه فى غرق الشوارع والمنازل وتوقف حركة المرور، وانقطاع الكهرباء، وتعطل الأنفاق، وانسداد بلاعات الصرف الصحى، وأمام هذه المشاهد الكارثية والتى أدت إلى تراكم أمتار المياه التى حبست أصحاب السيارات على الطرق أكثر من «10 ساعات» دون انقاذ، فشل جهاز مدينة القاهرة الجديدة فى السيطرة على المياه وشفطها من الشوارع، وأغلق بعض المسئولين هواتفهم أمام استغاثات المواطنين وأصحاب السيارات، وفشلت منظومة الصرف الصحى فى استيعاب مياه الأمطارالغزيرة.
ومع أن الأمطار خير وحياة، فكيف تنقلب عندنا إلى شر ومأساة، الجواب ببساطة أننا نفتقد فن إدارة الأزمات، وننتظر الكارثة ونتحرك بتوجيهات، المحليات نايمة فى العسل، وتستيقظ على الكوارث ولا تفعل شيئاً غير التبريرات الواهية، وليس من المعقول أن تغرق مدن جديدة فى شبر ميه، وحكاية شبر الميه زعلت مسئولاً حكومياً وقال بلاش مبالغة والأمطار بتسقط فى كل مكان فى العالم، كلامك صح يا معالى المسئول، ولكن هل تعلم كيف يتعامل العالم مع مياه الأمطار؟ أكيد سافرت وشفت، هل شفت خيبة بالويبة مثلما يحدث عندنا، الأمطار تكاد لا تتوقف فى بعض البلاد، ولكن لا تراها بمجرد سقوطها على الأرض، لأن هناك مسئولين بتشتغل وتخطط وتعمل حساب الأزمات والطوارئ، ولا تنام فى العسل وتصحى على الكوارث.
الحكومة اعتذرت عن الأضرار التى سببتها الأمطار للناس، ولكن لابد أن تعرف أن هناك تغيرات مناخية عالمية حتى تعمل حسابها لما هو قادم، مطلوب شبكات تستوعب مياه الأمطار خاصة فى المدن الجديدة، مطلوب أن يكون هناك استعداد لإدارة الأزمة، ماذا تعمل الحكومة حتى لا تتكرر هذه الكاثة، ما حدث فى القاهرة الجديدة مؤشر على وجود فساد وإهمال يجب كشفه ومحاسبة المتورطين فيه، لازم تجيب الحكومة عن السؤال: لماذا غرقت الناس والمنازل؟
الرقابة الإدارية قامت بدورها وهى الجهاز النشط الشغال ويتقدمه اللواء عرفان الذى أول من بادر بالانتقال إلى القاهرة الجديدة وأعد تقريره الذى كشف فيه حجم الكارثة ووجد أن الموضوع لابد أن يكون محل تحقيقات من النيابة العامة، وأشار بأصابع الاتهام إلى بعض المسئولين المتقاعسين، والباقى تكمله الحكومة فهناك مؤشرات بأمطار جديدة وأزمات جديدة، والعمل خير من النوم، ومحاسبة المقصرين يجب أن تكون مقدمة على جلب المنافع، النوم فى العسل فى مثل ظروفنا كارثة تجرفنا إلى مآل صعب، يجب أن نعمل حسابه، وأن نتقن أعمالنا، ووقانا الله شر الأمطار والسيول إذا كانت شراً ونستفاد منها إذا كانت خيراً.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف