إنها مصر
خطفت »ري سول جو» زوجة رئيس كوريا الشمالية الإعلام الغربي، وتصدرت صورها النشرات الإخبارية والصفحات الأولي، وغيرت المرأة الجميلة صورة بلدها وزوجها، لم يعد قاتلاً متوحشاً و»كينج كونج»، ولم تعد بلادها دولة الشر التي تهدد البشرية بالفناء النووي.
الإعلام الغربي مثل الفصول الأربعة التي تأتي في يوم واحد، يكذب كما يتنفس، يضحك ويبكي في آن واحد، إذا أراد أن يناصر شيئاً كتب عنه الأساطير، وإذا قرر العداء صنع حوله الأكاذيب.. واكتشف أن زوجة رئيس كوريا الشمالية، سيدة متحضرة، كانت مغنية أوركسترا، عاشقة للموسيقي والفنون، ولا يمكن لشخصية رقيقة مثلها أن تتزوج وحشاً قاتلاً، كما أنها أنيقة وترتدي أحدث الماركات الأجنبية، وليست منغلقة في خنادق زوجها ومنفصلة عن العالم.
السؤال هنا: كيف لامرأة بهذه المواصفات الغربية النموذجية أن تكون زوجة لرئيس صوره الإعلام الغربي بالوحش الكاسر؟
إنها نفس لعبة »الإعلام القاتل» الذي راح ضحيته صدام حسين والقذافي وعلي عبد الله صالح، وغيرهم من رؤساء الدول، الذين يصدر بحقهم قرار سياسي بالاغتيال المعنوي، وتتولي وسائل الإعلام الغربية تنفيذ الحكم، فنسجوا حولهم قصصا يندي لها الجبين، دون دليل علي إثبات صحتها.
منذ سنوات اعتادت وسائل الإعلام الغربية والأمريكية، أن تصنع من رئيس كوريا الشمالية شيطاناً، وزعمت أنه أعدم وزير دفاعه بمدفع مضاد للدبابات، لأنه نام أثناء أحد الاحتفالات العسكرية التي يحضرها الرئيس، وأنه أعدم زوج عمته وخمسة من مساعديه بالكلاب المسعورة، بعد تجويعها عدة أيام، فالتهمت لحومهم وقرقشت عظامهم، لمجرد الشك في ولائهم له!
ومنذ سنوات تعمدت وسائل الإعلام الغربية تشويه صورة رئيس كوريا الشمالية، وكأنه خارج لتوه من الغابة، وزعمت أنه يحلق شعر رأسه بطريقة همجية، وأنه أرغم محلات الحلاقة علي تحديد 20 قصة شعر للنساء للاختيار بينها، وقصات شعر أخري للرجال، ومن يخرج عن ذلك يكون مصيره السجن عدة سنوات، وأنه أودع فريق بلاده السجن مع المدربين والإداريين وربما بعض المشجعين، بعد هزيمتهم في كأس العالم أمام البرتغال.
كذَّب الإعلام الغربي نفسه، وكأنه أراد أن يقول: كيف يمكن لوحش أن يتزوج هذه المرأة الجميلة، ويكوِّن أسرة مستقرة، وأنجب منها ثلاثة أولاد؟.. ووقفت زوجته بجواره في القمة التاريخية مع كوريا الجنوبية، واحتضنتها زوجة الرئيس الكوري الجنوبي بحب وحميمية، وكأنها ابنتها الصغيرة، وظهرت عليها علامات الفرح والحب، بالزوجة الصغيرة المجهولة.
العالم بلا امرأة أكذوبة كبري، وأضفت زوجتا الرئيسين الكوري الشمالي والجنوبي، أجواء من السلاسة والعذوبة علي المباحثات الملتهبة، ثم ساروا جميعاً لزراعة شجرة كتبوا عليها »نحن نزرع السلام والأشجار»، وأبرزت وسائل الإعلام »الربيع قد يكون وصل إلي شبه الجزيرة الكورية»، وتبدلت نذر الحرب إلي رغبات جارفة في الحب والتعاون والإخاء، وبعبورهم الخط الفاصل، سقط آخر سور يفصل بين شعب واحد، بعد سقوط جدار برلين الذي كان يفصل بين الألمانيتين في عام 1989.
لمسات نسائية جعلت للسلام بين الكوريتين سحراً خاصاً، وجمَّلت صورة زعيم كوريا الشمالية، الذي كان في نظر كثيرين خارج نطاق الإنسانية، بفعل الدعاية الغربية، التي شوهت صورته وأساءت إليه وإلي بلده، وصورته بأنه يغتال حقوق الإنسان ليل نهار ويقمع النساء والرجال، ويختار لهم الملابس وقصات الشعر، ولا يسمح إلا بارتداء زي موحد قبيح، وكل هذه الدعاية سقطت فور ظهور »ري سول» كامرأة عصرية رشيقة، ترتدي أحدث الأزياء العالمية.
بالفعل: النساء لمسة ساحرة، تضفي علي الأشياء جمالاً.