الأهرام
فريدة الشوباشى
سؤال مهم لترامب
كثيرا ما تثير تصريحات الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، وكذلك «تويتاته» اندهاش المراقبين، لا سيما وأن ترامب لا يرأس. دولة هامشية أو حتى متوسطة، بل هو رئيس اكبر قوة فى العالم.. فالرجل الآتى من عالم أصحاب الشركات العالمية والدوائر الرأسمالية الكبيرة والمؤثرة، يبدو محيرا فيما يخص مواقفه أو بالأحرى مفهومه للعلاقات الدولية والقانون الدولى والشرعية التى ارتضاها الجميع ممثلة فى المنظمات الدولية، خاصة، الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولى.. وفى ظنى انه، ربما عن غير قصد، نزع قناع القيم النبيلة الذى ارتكبت واشنطن بذريعته أبشع الجرائم الانسانية التى راح ضحيتها الملايين، وعلى سبيل المثال لا الحصر، ضرب هيروشيما ونجازاكى بالقنابل الذرية، وتدمير العراق وليبيا ومحاولة تدمير سوريا ومخطط تفتيت مصر الذى اسقطته ثورة يونيو المجيدة.. وفى الآونة الأخيرة ،خلع ترامب برقع الحياء وألقى جانبا بكل المصطلحات الزائفة مثل التذرع بدفاع أمريكا عن الشعوب وإقرار الحكم الديمقراطى فى أقطار الوطن العربي، مع تجاهل تام لجرائم اسرائيل ضد الشعب الفلسطينى والعربي، وإسباغ الحماية على دولة البغى والعدوان بالفيتو الأمريكى الذى يحول دون إدانتها فى مجلس الأمن..

وحتى لا تستمر حيرتنا وحتى تسكت أصوات حواريى الولايات المتحدة الأمريكية، كشف ترامب عن ان بلاده لا تقدم شيئا مجانيا ،فهو يعلنها صراحة،انها فى خدمة من يدفع، بغض النظر عن مواقفها أو وضعها، وفى سابقة مهينة بالنسبة لحلفاء واشنطن، عايرهم ترامب، بأن قادة هذه الدول ما كان لهم الاستمرار فى حكم بلادهم «اسبوعا واحدا» لو رفعت واشنطن عنهم حمايتها.. ومن ثم فعليهم دفع ثمن بقائهم فى سدة الحكم، بل وذهب ترامب الى مدى أبعد، مطالبا بوجوب مشاركة بلاده فى ثروات دول المنطقة الغنية..!!! واعتقد ان هذه أول مرة فى التاريخ يطالب فيها حاكم دولة بنصيب فى ثروات دولة أخرى تبعد عنه بآلاف الكيلومترات، بدعوى انه يساند حكامها.. وألا يحمل كلامه إهانة بالغة مزدوجة، مرة بالنسبة لحكام الدول العربية الغنية «المرفوضة» من شعوبها، حسب تصريحات ترامب، مما يفرض عليهم الرضوخ لجشع هذا الرجل الذى لا يشبع، فبعد كل ما أخذه من مئات المليارات انفتحت شهيته اكثر وصار يكيل لهم الإهانات، ويرغمهم على شراء المزيد من الأسلحة الأمريكية ليستعر التقاتل العربى وتمتلئ خزائن شركات السلاح الأمريكية بأرباح خيالية، والأدهى ان الأسلحة التى يواجهونها، هى ايضا أمريكية، أى أن واشنطن تبيع السلاح للقاتل والمقتول مع الاستمرار فى ادعاء انها مع حق الشعوب فى العيش بسلام ..

ويستدعى كلام ترامب اسئلة عديدة تدحض ادعاءاته جملة وتفصيلا.. منها، كيف أسقط الشعب المصرى حكما أرادته امريكا بكل السبل. وبالتآمر على وحدة الوطن والتحايل على هذه الوحدة ،العابرة لآلاف السنين باسم الدين لخداع البسطاء؟ هل صمدت المساندة الأمريكية لحكم جماعة الاخوان فى مواجهة ثورة شعب لفظ من يعتبرون الوطن «حفنة من التراب العفن؟» وأيضا هناك مثال حى على مسمع ومرأى من العالم أجمع يدحض ادعاءات ترامب ويؤكد هشاشتها، وأعنى به ما يجرى فى سوريا الشقيقة، فهل تساند واشنطن الدولة السورية،أم انها على العكس تماما، تحاربها بلا هوادة، وللعام الثامن على التوالي؟ وبعد الفشل الذريع الذى منيت به كل الدول والجهات المعادية، لا يخجل ترامب من طلب ارسال قوات عربية الى سوريا، حفاظا على حياة جنوده الغالية، وغرف المزيد من خزائن حلفائه لشركات السلاح الأمريكية. وآمل ان يرد حكام الدول المعنية على اهانة ترامب لهم فى الحكم وليس بفضل مساندة وشنطن ويسألونه عن كيفية صمود سوريا التى وجه شعبها صفعة لكل نظريات واشنطن ولحاكمها ترامب..

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف