صالح ابراهيم
علاج السياحة.. وسياحة العلاج
السياحة في الأرض.. فضيلة وواجب ومهمة إنسانية.. اعتمدها البشر.. بحثاً عن الرزق والاستقرار والاستكشاف.. طوروا من آلياتها.. كوسيلة تعارف وتقارب ناجحة بين الناس تأمل واستلهام لدروس.. تركها الأجداد.. في صورة معابد ومسلات ومدن ومقابر.. بداخلها كنوز وانجازات.. بعضها مازال لغزاً.. والآخر نجح العلماء في فك شفرته.. واستقر الأمر في جميع الأحوال علي البناء عليه لتتواصل شعلة الحضارات.. الدين أمرنا بالسياحة في الأرض.. والهجرة النبوية العظيمة التي قام بها الرسول الأمين محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام.. يرافقه الصديق.. أبوبكر بن قحافة من مكة المكرمة إلي المدينة المنورة.. علامة فاصلة لنشر رسالة الإسلام في الأرض.. وهي الرسالة المتواصلة.. علي جناح الدعوة والسلوك الملتزم القويم.. يتزايد عدد المسلمين شرقاً وغرباً وكل مكان.
** بمرور الزمان.. واقتراب قلوب البشر وعقولهم.. نجحت السياحة كمعابر للحدود.. يتدفق الرواد علي أماكن الزيارة.. ونقاط الحضارات القديمة.. وقبلها ما تعارف علي تسميته بالمعجزات.. يتصدرها أهرامات الجيزة.. ولا تنتهي بمقبرة تاج محل في الهند.. أو برج بيزا المائل في إيطاليا.. ولأنها أصبحت صناعة.. ومورد رزق تسابق أصحاب التاريخ القريب.. ليصنعوا لأنفسهم مزارات حضارية.. يجذبون إليها الزوار بل وينظمون حولها المؤتمرات للتأهيل وحفر الجذور.. قد تكون في منزل شاعر.. أو موسيقي.. وربما مقهي هبط عليه فيه الإلهام.. لافتة نحاسية تسجل وتتحول إلي مغناطيس يجتذب الآلاف والملايين.. الغرض دخول الأماكن الحديثة سباق المنافسة.. والقيمة المضافة.. وكمثال فقط نتحدث عن طرح حجارة سور برلين بعد عودة الوحدة للألمانيين عام 1991.. للبيع.. تذكارا للحدث العظيم.. مصحوباً بالمهرجانات الشعبية والمتنوعة خارج الصندوق.. تجتذب شباباً.. يتحولون إلي سفراء سياحيين.
** وفي مصر.. معروف مكانتها فتصدر الاهتمام السياحي العالمي.. باحتواء علي أكبر متحف مفتوح في العالم لآثار من عهود الحضارة المتعاقبة.. ولأنها الأرض التي كرمها الله سبحانه وتعالي بالأمان.. وتواجد الأنبياء واستضافة أصحاب الرسالات.. هذا الزخم يتصدر اهتمامات الدنيا.. ووسائل العالم الافتراضي أشعل ذلك.. ليس بالآثار والانجازات العلمية والفلكية والزراعية.. وغيرها سابقة عصورها "التحنيط مثلاً" ولكن لحركة الاكتشافات التي لا تتوقف.. ويتنافس عليها علماء المصريات وخبراء الحفريات والترميم.. وللأسف كانت هذه الصناعة الأكثر تأخراً بالأحداث الداخلية والخارجية.. بدليل ما تعاني منه تراجع في الضيوف والموارد.. رغم توفر وتفوق البنية الأساسية.. والقوي البشرية المؤهلة لأفكار خارج الصندوق "مثل البالون الطائر فوق الأقصر.. والفنادق السياحية العائمة علي النيل.. ولكننا باختصار نعاني من قصور في الترويج الجاذب لفئات السياحة الجديدة "سياحة المؤتمرات.. الاجازات.. الشباب.. الخ".. وكذلك ضعف الرقابة والمتابعة علي الأرض.. بما تعرفه عن فئات طفيلية.. كل ما نهتم به.. حلب نقود السائح إلي درجة الابتزاز.. وربما يضاف إلي ذلك عدم العناية المثلي بالمناطق الأثرية والتاريخية.. والوعي المجتمعي المفتقد ألا نعترف بالتقصير تجاه الإقبال المحلي علي السياحة الداخلية.. والمتاحف.. ربما بسبب النفقات العالية.. أو التعامل الذي يفضل الأجنبي.. وغموض الاستقبال الذي يعيق الأسرة العادية عن التفكير في اتخاذ القرار.
** النهوض بالسياحة.. هدف وطني.. ومسئولية كل مواطن.. يختلط أو لا يختلط بالضيوف.. علينا أن نغرس بداخله قيم الضيافة والترحيب وتقديم العون.. وربما تساهم زهرة تقدمها لسائح في قراره بالعودة من جديد.. في امكاننا بتكاتف مجتمعي أن تتصدر السياحة الدخل القومي.. وتوفر عائدات العملة الصعبة.. وترفع رأس الجنيه عالياً كما كان.. وباب الحوافز والتشجيع مفتوح محلياً بعيداً عن بورصات لندن وبرلين وطوكيو.. وتنطلق دائماً في استحضار روح الفخر بداخلنا جميعاً مما انجز الأجداد.
** وكذلك الاستفادة غير التقليدية من موارد مهمة.. تتمشي مع الاتجاهات العالمية.. ومن هنا نحي قرار الدولة تشكيل اللجنة العليا للسياحة العلاجية.. التي تمتلك مصر جوانبها الرئيسية سواء المقاصد لـ عيون موسي - بركة فرعون.. سيوه.. الحمامات الكبريتية بحلوان" مستفيدين من تجربة السبعينيات "رومانيا" ونملك الكوادر الطيبة المتخصصة.. والمتميزة.. والمستشفيات ذات السمعة الطيبة.. ونلاحظ أننا لا نبدأ من الصفر فلدينا ضيوف من اخواننا بالخليج وافريقيا.. وملحقون سياحيون وصحيون بالسفارات والقنصليات.