الدستور
عمرو خالد
لماذا الرجل هو من يتحكم فى نوع الجنين؟
على خلاف ما يذهب إليه بعض الفلاسفة من رأى بأنه من الإهانة للدين أن يُجَر إلى ساحة العلم الذى يتغير كل يوم، بدعوى أن الدين يندرج تحت العلوم الإنسانية وليس التجريبية- فإن العلم هو الطريق إلى الله، خاصة فى هذا الزمن وما يشهده من تقدم علمى وتقنى، والذى لم يعد يحرك مشاعر الناس فيه شىء كما تحركه الحقيقة العلمية.
إن العلاقة بين الدين والعلم والحياة مثلث متكامل، لأن الآراء فيه تبنى على ما كان قطعيًا من علوم الطبيعة، التى تم التحقق منها بالصوت والصورة والمعادلة الحسابية وغير القابلة للتغيير بتاتًا.
وعلى سبيل المثال، فلم تعد نشأة الكون على مبدأ القصور الذاتى محل نقاش، إذن: ما الذى يجعلك تصطدم فى المقعد الذى أمامك إذا وقفت الحافلة التى تستقلها فجأة، كما لا يمكن لأحد أن يقول إن النظرية النسبية لـ«أينشتين» لم يحسمها العلم بعد، إذن: لماذا يعمل الــGPS؟ ولماذا تطير الطائرة؟ ولماذا يعمل النور؟ ولماذا تعمل مولدات الطاقة المغناطيسية والنووية؟... وهكذا».
ولا يمكن لأحد أن يقول إن نظرية «الكوانتم» مازالت افتراضية، إذن: لماذا تعمل أشعة الرنين، ولماذا تعمل الهواتف المحمولة والكمبيوتر، وكيف تقوم النباتات بعملية البناء الضوئى؟، كما لا يمكن لأحد أن يقول إن «الانفجار العظيم» أو «البيج بانج» قد يأتى عالم غدًا ويقول لم يحدث، سأقول له: ولماذا الكون إذن فى حالة توسع مستمر إلى الآن»؟..
العلم والدين والحياة مثلث متكامل، بينها تكامل بلا تناقض، واستقرار الأسرة وأمان المرأة فى الأسرة من القضايا المرتبطة بهذا الثالوث خاصة فى قضية الإنجاب، وأكثر تحديدًا فى المجتمع الشرقى، حيث يمكن أن تطلق الزوجة لأنها تنجب البنات، وليس ذكورًا، وما ينجم عن ذلك من مشاكل اجتماعية وظلم للمرأة، رغم أنها لا علاقة لها بتحديد نوع الجنين.
فالعلم أوضح أن المتحكم فى تحديد نوع الجنين، ذكرًا أو أنثى هو الرجل، وهو ينتج نوعين من الحيوانات المنوية الحيوان المنوى X والحيوان المنوى Y، أما السيدة فتنتج نوعًا واحدًا من البويضات X، فإذا نجح الحيوان المنوى X فى تلقيح البويضةX، كان الناتج XX أنثى، أما إذا نجح الحيوان المنوى Y فى تلقيح البويضة X كان الناتج XY ذكر.
هذه الحقيقة العلمية أكدها العالمان نيتى ستيفن وادموند ويلسون نظام الـX وY فى سنة ١٩٠٥، ومن قبل ١٤٠٠ سنة أكدها القرآن، «وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَىٰ (٤٥) مِن نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَىٰ»، فالنطفة هى مَنى الرجل، وليس المرأة، وهذا يعنى بوضوح أن الرجل وليس المرأة هو المسئول عن تحديد نوع الجنين.
ومن المدهش حين تجد بعض المواقع التى تهاجم القرآن الكريم يعترفون بتلك الحقيقة، ويثبتونها للقرآن، وأنها لا توجد فى أى كتاب سماوى غيره، لكنهم يدعون أن القران ليس هو أول من قال ذلك، بل الفراعنة من قبله كانوا يعتقدون أن الرجل هو المسئول عن تحديد نوع الجنين، استنادًا إلى بردية فرعونية مكتوب فيها بالهيروغليفى قصة أسطورية عن أن أحد الفراعنة كانوا يدعون له بـأن يرزقه من المَنى الخاص به، بذكر أو أنثى.
حتى مع التسليم بذلك، فإنه لم يكن من غير الممكن للعالم فهم تلك الحقيقة قبل أن يتمكن «شامبليون» من فك رموز حجر رشيد سنة ١٨٢٢، بعد أن انقرضت اللغة الهيروغليفية من قبل ١٦٠٠ سنة، فالنبى قال بذلك حتى قبل أن يصل العلم إلى تلك الحقيقة العلمية سنة ١٩٠٥.
المفارقة أن الأزمات والخلافات الأسرية الناجمة عن الإنجاب، لاتقتصر على طبقة معينة، بل هى فى كل المستويات الاجتماعية من أقل المستويات إلى أعلاها، حتى إن أحد ملوك مصر أنجبت له زوجته ٤ بنات، فكان يرغب فى تطليقها لأنها لم تنجب له الولد، إلى أن أوضح له عالم ما قاله العلم والدين بأن الرجل هو المسئول عن نوع الجنين فخجل وصمت.
اتفاق العلم والدين على تلك الحقيقة من رحمة ربنا بنا فى الحياة، لأنه لو كانت الأنثى هى التى تتحكم فى نوع الجنين، لفسدت الحياة، لأنه فى حينها كانت ستتعرض لإهانة كبيرة من الرجل، وكان سيتزوج عليها مرة واثنين وثلاثة حتى تنجح فى إنجاب الولد الذى يريده.
فاقتضت حكمة الخالق أن يكون الزوج هو المسئول عن تحديد الجنين للمحافظة على الأسرة، وهذه مسألة جوهرية من أجل انتظام الحياة الأسرية المجتمعية السلمية لكبح جماح الطمع البشرى لدى الرجل بالتحديد فى أن يبقى لديه ذرية كلها ذكور.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف