الدستور
ماجد حبته
قطر.. الإرهاب والـ«مليار» دولار
مراسلات نصية، مكالمات تليفونية، ورسائل بريد صوتي متبادلة بين مسئولين قطريين وإرهابيين، ظهرت الآن، الآن فقط، وأكّدت أن العائلة الضالة، التي تحكم قطر بالوكالة، دعمت تنظيمات إرهابية بـ«مليار» دولار، عدًا ونقًدا. وأثبتت، من جديد، أن الفتى «تميم»، كأبيه وأمه، مجرد دمى (جمع دُمية) أو «أراجوزات» تلعب دور السمسار المنحط أو الوسيط السياسي القذر. وأن ثلاثتهم، ورابعهم بغلهم حمد بن جاسم، قاموا (ويقومون) بتبديد ثروات الشعب القطري في دعم وتمويل الإرهابيين وتسويقهم إعلاميًا.

منذ سنة تقريبًا، ذكرت تقارير إخبارية نشرتها عدة صحف، بينها «نيويورك تايمز» الأمريكية، أن الدوحة دفعت تلك الأموال إلى تنظيمات إرهابية للإفراج عن عدد من أفراد الأسرة الأميرية كانوا محتجزين في العراق. وفي يونيو الماضي، وبعد أن عرض السكرتير العام للأمم المتحدة تقريره الخامس حول «داعش»، أبدت مصر عددًا من الملاحظات، وأشارت في الملاحظة الخامسة إلى الأنباء المتواترة بشأن قيام إمارة قطر بسداد مليار دولار لتنظيم إرهابي يعمل في العراق. وذكرت أنها تتطلع إلى معرفة تقييم السكرتير العام لتداعيات حصول تنظيم داعش (أو تنظيم مرتبط به) على مبلغ بهذه الضخامة.

مندوبنا الدائم لدى المنظمة الدولية، استعرض قرارات مجلس الأمن التي تلزم الدول الأعضاء بمنع الإرهابيين من الاستفادة من الأموال التي يتحصّلون عليها من الفدية. ودعا مجلس الأمن إلى التصديق على إجراء تحقيق في هذه الواقعة، مضيفًا أن مصر تتطلع إلى تضمين نتائج هذا التحقيق في التقرير السادس للسكرتير العام حول «داعش». غير أن إمارة قطر نفت ذلك بشدة، واستنكر مشعل بن حمد آل ثاني، السفير القطري في الولايات المتحدة، ما نشرته جريدة «نيويورك تايمز» حول الموضوع، وأكد في رسالة نشرتها الجريدة، أن قطر لم تدفع أي فدية في الحادث المذكور.

وقتها، كانت مصر عضوًا غير دائم في مجلس الأمن. وبالغت الإمارة، في تبجحها، وتقدمت بشكوى إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن، تتهم فيها مصر بـ«استغلال عضويتها داخل المجلس لتحقيق أغراض سياسية خاصة»، زاعمة أن تلك الأغراض «لا تمت بصلة لعمل مجلس الأمن ولجانه، حيث تقوم القاهرة بتوجيه اتهامات ومزاعم لا أساس لها من الصحة ضد دولة قطر». وأضافت أن تلك الاتهامات تأتي في إطار ما وصفتها شكوى الدوحة بـ«الحملة المغرضة التي تستهدف دولة قطر والتي تُعد مصر جزءًا منها».

ظل الموضوع منسيًا، أو نائمًا، حتى نشرت جريدة «واشنطن بوست»، الأحد، تقريرًا مدعومًا بالوثائق، كشفت فيه أن قطر دفعت بالفعل مليار دولار مقابل تحرير تسعة من أعضاء الأسرة القطرية الحاكمة، إلى جانب ١٦ آخرين من المواطنين القطريين الذين كانوا قد اختطفوا خلال رحلة للصيد في جنوب العراق سنة ٢٠١٥. وتم توزيع هذا المبلغ الضخم على «الحرس الثوري الإيراني»، و«كتائب حزب الله- العراق» و«حزب الله» اللبناني، إلى جانب جماعتين سوريتين على الأقل، بينهما «جبهة النصرة» ذات الروابط الوثيقة بتنظيم «القاعدة»، وغيرها من الميليشيات والشخصيات المدرجة على قوائم الإرهاب الأمريكية.

المراسلات نصية، المكالمات تليفونية ورسائل البريد الصوتي وصلت إلى «واشنطن بوست»، عبر حكومة إحدى الدول، اشترطت على الجريدة عدم الكشف عنها. ومع أن الوثائق المسرّبة لا توضح المبالغ المالية التي دفعها الجانب القطري فعليًا، إلا أنها كشفت عن قيام دبلوماسيين قطريين بتقديم عدد من الدفعات المالية تراوحت بين ٥ ملايين و٥٠ مليون دولار إلى بعض المسئولين الإيرانيين والعراقيين، وبعض زعماء الميليشيات المسلحة، بالإضافة إلى ٥٠ مليون دولار لـ«قاسم»، في إشارة إلى قاسم سليماني قائد «فيلق القدس» التابع لـ«الحرس الثوري الإيراني» وأحد أبرز المشاركين في الصفقة التي كان طرفها الآخر زايد بن سعيد الخيارين، السفير القطري في العراق.

كل ذلك، كما ذكرت الجريدة الأمريكية، كان جزءًا من صفقة أكبر بين الحكومة القطرية والحكومات الإيرانية والعراقية والتركية. وبالإضافة إلى ٢٧٥ مليون دولار تم دفعها في البداية، تضمنت خطة الدفع الموضوعة تخصيص مبلغ إضافي قيمته ١٥٠ مليون دولار نقدًا للأفراد والجماعات التي لعبت دور الوساطة، كما حصل شخص اسمه أبومحمد السعدي على ١٠ ملايين دولار. ونقلت «واشنطن بوست» عن مصدر مطلع أن الأرقام المذكورة في الرسائل قد لا تكون دقيقة، لكن المؤكد هو أن قطر قامت في أبريل ٢٠١٧ بشحن مئات الملايين من الدولارات إلى بغداد!.

ضع ما سبق إلى جوار اعتراف وزير الخارجية القطري، بدعم بلاده للإرهاب.. وإلى جوار ما كشفه ويكشفه المتحدث العسكري الليبي من فيديوهات ووثائق تفضح الدور الذي لعبته قطر في ليبيا. وأيضًا إلى جوار اعترافات حمد بن جاسم، رئيس الوزراء القطري السابق، بأن إمارته دعمت جماعات إرهابية في سوريا، عبر تركيا، بالاتفاق مع الولايات المتحدة الأمريكية وأطراف أخرى. وبإضافة ما كشفته الرسائل النصية والتسجيلات الصوتية، تكون الملاحظة التي أبدتها مصر على تقرير سكرتير عام الأمم المتحدة، قد وضعت أكثر من عقدة أمام المنشار، ودفعت رقابًا كثيرة تحت ساطور الجزار، بينها رقاب العائلة الضالة، التي تحكم قطر بالوكالة.

..ويبقى السؤال الصعب: هل الصدفة وحدها هي المسئولة عن نشر تقرير «واشنطن بوست» بعد أيام من تصريحات الرئيس الأمريكي، التي هدّد فيها، بعض دول منطقة الشرق الأوسط، أو قطر تحديدًا، بأنها «لن تصمد ‏أسبوعًا دون الحماية الأمريكية»، قبل أن يبتزها ويطالبها بضخ مزيد من الأموال لدعم الجهود الأمريكية في سوريا؟!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف