المساء
مؤمن الهباء
إسرائيل وليست كوريا
في أعقاب القمة المفاجئة بين شطري كوريا وما أثارته من أجواء متفائلة قال إسرائيل كاتس وزير المخابرات والنقل الإسرائيلي إن تعهد زعيمي الكوريتين بالعمل من أجل نزع السلاح النووي بشكل كامل يجب أن يعطي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب دفعة أقوي لإعادة التفاوض بشأن الاتفاق الذي يقلص البرنامج النووي الإيراني.
وبهذا التضليل المكشوف تتعمد إسرائيل صرف الأنظار عن حقائق المنطقة الملتهبة في الشرق الأوسط لتوجهها إلي كوريا أو أية بقعة أخري علي وجه الأرض فالواقع أن البرنامج النووي الإيراني لا علاقة له بالبرنامج النووي الكوري وإنما يمكن أن يكون له علاقة قوية بالبرنامج النووي الإسرائيلي الذي يجري التعتيم عليه حتي لا يعرف أحد عنه شيئا وذلك قياسا علي طبيعة الصراع وتوازن القوي في الدائرة الاستراتيجية الإقليمية التي تجمع البلدين.
المعروف أن البرنامج النووي الإسرائيلي الذي بدأ في خمسينيات القرن الماضي بدعم فرنسي غربي علي يد ثعلب السياسة الإسرائيلية شيمون بيريز حقق تقدما كبيرا خلال السنوات الأخيرة والأمر المؤكد أن إسرائيل تمتلك سلاحا نوويا لايعرف حجمه لكنها تتبع استراتيجية الغموض النووي بتأييد أمريكي علني فهي لا تنفي ولا تؤكد امتلاكها للسلاح النووي وتستخدم هذا الغموض لردع الآخرين . في الوقت الذي تعمل فيه بجد ونشاط لتدمير أي مشروع نووي آخر في المنطقة ولو كان سلميا مخافة أن تتاح الفرصة لأية دولة غيرها لامتلاك القدرات والخبرات النووية بل إنها تلاحق العقول العلمية التي قد تنبغ في المجالات النووية بالمنطقة وتغتال أصحابها أينما كانوا جهارا نهارا.
وليس خافيا أن المشروعات النووية التي ظهرت في بعض الدول العربية وفي إيران كان الدافع لها هو وجود البرنامج النووي الإسرائيلي وليس الكوري خصوصا في ظل رفض إسرائيل الحازم التوقيع علي الاتفاقية الدولية لحظر الانتشار النووي التي وقعت عليها كل دول المنطقة ورفض الدعوات المصرية المتكررة لتوقيع اتفاقية شاملة لإخلاء الشرق الأوسط من السلاح النووي.
إن إيران ـ أو أية دولة أخري بالمنطقة ـ لا يخصها شيء في الملف النووي الكوري وإنما يخصها كل شيء يتعلق بالبرنامج النووي الإسرائيلي والاتفاق الذي تتوصل إليه الكوريتان مع أمريكا في هذا الشأن سيخفف من حجم التوتر الدولي بلا شك لكنه لا يتعلق بتوازن القوي هنا في الشرق الأوسط ولذلك فإن إيران المحكومة بعوامل الصراع والتنافس الإقليمي تركز علي إسرائيل وبرنامجها النووي والدفعة الأقوي لإدارة ترامب في أية مفاوضات قادمة لتقليص البرنامج النووي الإيراني تعتمد علي الموقف تجاه إسرائيل وليس كوريا.
العالم يعرف أن أمريكا تضغط علي كل الدول لكبح جماح الانتشار النووي لكنها تترك الحبل علي الغارب لإسرائيل . وبصرف النظر عن خلافاتنا مع إيران إلا أنها تتصرف مثل أية دولة صاعدة وتعمل علي تحقيق توازن القوة مع محيطها الإقليمي وهذا حقنا جميعا وليس حق إيران وحدها حتي لا تنفرد إسرائيل بالسلاح النووي الذي يهدد الجميع.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف