المصريون
جمال سلطان
من يلعب مع الإرهابيين في سيناء ؟!
المعركة الصعبة التي يخوضها جيشنا مع خلايا إرهابية غامضة في شمال سيناء جعلت كثيرا من المحللين ، خارج مصر وداخلها ، يتساءلون عن مصادر تلك القوة التي يتمتع بها التنظيم الإرهابي ، والتي تجعله مستمرا في جرائمه رغم الضغط الكبير الذي توقعه عمليات الجيش ضده على مدار خمس سنوات تقريبا ، مستويات التدريب ، ومصادر السلاح والذخيرة ، والخدمات اللوجستية التي تمكنهم من الاختفاء ومن التحرك بسهولة نسبية ، وفي هذا الصدد طرحت احتمالات كثيرة ، بعضها يتحدث عن مدد كان يأتي لتلك الخلايا من قطاع غزة ، وبعضهم يتحدث عن أن عناصر تابعة لقيادي فلسطيني معروف تتواصل مع تلك الخلايا ، وهناك تقديرات تتحدث عن تهريب للسلاح والذخائر عن طريق السودان والطرق الجبلية أو عن طريق البحر .
كل هذا الكلام كان تسريبات أو تحليلات خبراء ، لكن هذه المرة صدر الاتهام الصريح والمباشر عن قيادة فلسطينية مسئولة ، وعلى صلة طيبة بالأجهزة المصرية ، وهو القيادي خليل الحية ، عضو المكتب السياسي لحركة حماس ، والذي عقد مؤتمرا صحفيا في قطاع غزة يتعلق بالكشف عن أسرار محاولة اغتيال رئيس وزراء السلطة الفلسطينية رامي الحمد الله بتفجير موكبه عند زيارته الاستثنائية للقطاع ، وهي العملية التي فشلت لكنها تسببت في مقتل وإصابة بعض المرافقين .
الحية قال أن التحقيقات الطويلة والصبورة التي أجروها عقب العملية انتهت إلى أن ضباطا في جهاز المخابرات الفلسطيني بالضفة الغربية ، التابعة للرئيس محمود عباس ، هم المتورطون في العملية ، وأنهم يشغلون مجموعات إرهابية "تكفيرية" في قطاع غزة لزعزعة الأمن فيها ، إلى هنا والمسالة داخلية في فلسطين ، وهناك جدل متسع عن هذه التحقيقات حتى الآن بين سلطات غزة وسلطات رام الله .
لكن الأخطر في هذا المؤتمر الصحفي ، والأهم بالنسبة لنا هنا في مصر ، هو ما قاله خليل الحية من أن قيادات بالمخابرات الفلسطينية بالضفة تشرف على مجموعات إرهابية تنشط في "سيناء" المصرية وتعمل على ضرب الاستقرار في شمال سيناء ، كما تعمل على زعزعة الأمن في قطاع غزة نفسه ، وأعاد التأكيد في مؤتمره الصحفي أكثر من مرة ، بأن ضباطا في المخابرات الفلسطينية بالضفة حاولوا ضرب أمننا والأمن المصري في سيناء ، ورحب الحية بتشكيل لجنة وطنية فلسطينية من الفصائل وحركة فتح، للقدوم إلى غزة لبحث كل ملابسات هذه الجريمة والاطلاع على وثائق وأدلة والتحقيقات حتى يطمئن الجميع .
هذا الكلام بالغ الخطورة والأهمية في آن ، ولا يمكن أن يمر مرور الكرام ، فهو يصدر عن جهة رسمية في قطاع غزة ، ويصدر بناء على تحقيقات شاملة ودقيقة استمرت أسابيع ، ويتحدث عن أدلة ووثائق واعترافات وشهود ، ويتحدى أي جهة تشارك في التحقيقات وتطلع على ما انتهت إليه ، تعزيزا لموثوقية تحقيقاتهم ، كما أن خليل الحية هو أحد القيادات الرفيعة في حماس التي تحظى بثقة في الجانب المصري ، وتشارك في حوارات سياسية وأمنية رسمية عالية المستوى مع قيادات مصرية وأجهزة مصرية ، ومن ثم فإن الطبيعي أن تطالب مصر بنسخة من تلك التحقيقات ، وبشكل أخص ، تلك المعلومات التي تحدث عنها الحية من تورط قيادات بالمخابرات الفلسطينية بتحريك مجموعات إرهابية تنشط في شمال سيناء لضرب الاستقرار في مصر وزعزعة الأمن فيها ، كما يجب على مصر أن تطالب سلطات رام الله بتوضيحات رسمية كافية وشافية ، لدحض هذا الاتهام ، لأن ما قيل لا يمكن التسامح معه إن صح .
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف