الأخبار
د . نادر رياض
كوكب الأرض أفضل حالاً بدوننا نحن البشر
مصر الغد
تبين مدي حاجة الدول الصناعية لدول العالم الثالث كشركاء في الحركة الصناعية العالمية خاصة الدول كثيفة العمالة والتي لم يعد ينظر لها باعتبارها دولا مستهلكة تصدر إليها المنتجات فقط.
أما نحن في مصر فنقع في مدخل القارة الإفريقية عند نهاية رحلة نهر النيل العظيم، تلك الرحلة التي امتدت لآلاف الأميال يعبر خلالها عشرات الدول فيصل إلينا وقد أصابه ما أصابه من الإعياء والإجهاد بفعل الطبيعة والبشر. ومصر التي ظلت علي مر العصور هبة النيل، كما وصفها هيرودوت قديماً، سعت لإصلاح هذا النهر العظيم مما أصابـه في نطـاق ما تملك من إمكانيات، فأقامت سد أسوان والسد العالي من بعده ليكون أكبر بحيرة صناعية عرفها العالم حفاظاً علي الماء من الإهدار، كما تتبني مصر علي مراحل مشروعاً لغسيل مجري نهر النيل بامتداده داخل أراضيها. ولكن هل يكفي هذا لإصلاح ما أفسده الزمن والإنسان أيضاً؟.
وإذا كان عذر مصر ودول العالم الثالث ضعف الإمكانيات المادية فماذا يكون عذر المجتمع الأوروبي في تلوث أنهاره حتي أن نهراً عظيماً مثل نهر الراين قد بلغ من التلوث مداه بحيث لم تحيا به سمكة واحدة منذ عشر سنوات !!
حذرت الأمم المتحدة في تقريرها أن سكان العالم سيواجهون نقصاً في كميات المياه اللازمة لهم بنسبة 30% بحلول عام 2030 بسبب الإسراف في المياه وسوء الاستخدام، مؤكداً اتساع الفجوة بين الطلب علي المياه والكميات المتوافرة منها لتصل إلي 55% بحلول عام 2050 بسبب التوسع في المجتمعات العمرانية والمدنية.
وما أحوجنا في مصر للحفاظ علي ماء النيل مصدر الحياة الرئيسي لشعب مصر، ولنبدأ بالحفاظ عليه من التلوث مروراً بتوفير مياه الشرب النقية والمأمونة لكل المصريين بكافة الربوع لتنتهي بالدخول في قضية الاستعمال المرشد للمياه خاصة في الزراعة.
واستدعي ذهني ما أوردته منظمة البيئة الألمانية في دراستها من مؤشرات حقيقية لم تكن تدخل في الحسبان من قبل والتي فاقت كل توقع بشأن استهلاك المياه في ألمانيا وانعكاس ذلك علي معدلات الاستهلاك السنوي للفرد إذ إن الدراسات السابقة لهذه الدراسة كانت تظهر فقط الاستهلاك المباشر للفرد الألماني من المياه في حدود 4.3 متر مكعب في السنة باعتبار أن استهلاكه لأغراض الشرب والاستحمام والطهي لم تكن تتعدي 1300 لتر في العام مبقية استهلاكه الإجمالي في حدود 3 مترات مكعبة أي ثلاثة آلاف لتر للاستهلاكات الأخري غير المنظورة.
الجديد الذي أوردته الدراسة التي قام بها الدكتور يورج رخنبيرج آنذاك والذي يعتبر الخبير الأعلي بشأن المياه وهو في نفس الوقت مستشار جهاز البيئة الاتحادي التابع للحكومة الألمانية يخلص إلي أن استهلاك الفرد الألماني من المياه يبلغ 500 متر مكعب في العام وليس كالسابق حسابه خلال السنوات السابقة لهذه الدراسة علي امتداد تلك السنوات والذي كان حده الأعلي 4.3 متر مكعب، أي أن الدراسة رفعت القيمة لأكثر من 120 ضعفاً وهو أمر غير مألوف في علم الحساب أو التقاليد البحثية لتجاوزه كل التوقعات بهذه النسبة الصادمة للرأي العام وشئون البيئة وعلوم الموارد الطبيعية وهي أمور تقع جميعها داخل وجدان وسلوك الشعب الألماني علي اختلاف مستويات الدخل والثقافة.
سارعت الصحف والمجلات العلمية بالاتصال بخبير البيئة لتسأله عن التفاصيل التي استجدت في دراسته ولم تكن مألوفة في الدراسات السابقة عليها وكانت المفاجأة التي خرج بها علينا ونتحدث عنها في المقال القادم.
• رئيس مجلس الأعمال المصري الألماني
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف