هانى عسل
من قال إن مشكلة صلاح انتهت؟
أثق فى كلام وزير الرياضة، ولكن لا أعتقد بأن مشكلة صلاح مع اتحاد الكرة انتهت.
فحتى الآن لم نسمع ما يفيد بحل المشكلة «رسميا» وبالورق، وبالأرقام، وبالفلوس.
كل ما سمعناه كلمة من هنا، ووعد من هناك، وتغريدة من اللاعب، واتصال بين الوزير واللاعب، واتصال آخر بين اللاعب ورئيس اتحاد الكرة واللاعب، واتصالات من فوق لتحت، ومن تحت لفوق، وعبارات من نوعية «ما تقلقش» و«اللى انت عاوزه ها نعمله» و«عشان خاطرنا» وهو ما يعنى أن المسئولين فى اتحاد الكرة ما زالوا يعتقدون بأنهم قادرون على «الطرمخة» على فضيحتهم بعزومة كباب أو غدوة سمك ونقرأ الفاتحة وصافى يا لبن واحنا بتوعك، وانتهى الموضوع، وكأننا نتحدث عن خلاف بين راجل ومراته، أو «خناقة» على رى أرض زراعية!
أما من المسئول عن «جريمة» انتهاك عقد رعاية واضح وصريح؟ ومن المسئول عن هذا التعدى الجريء على لاعب كرة محترف ووكيل أعماله؟ ومن المسئول عن تكدير مزاج المصريين وتفجير غضبهم والعكننة عليهم بهذه الصورة؟ وكيف سيتم حل المشكلة؟ ومن سيدفع المائة مليون جنيه قيمة غرامة انتهاك عقد الرعاية؟ وهل هو صلاح أم اتحاد الكرة أم وزارة الشباب؟ وهل سيقبل وكيل الأعمال هذا التعويض ولا يطلب شيئا آخر؟ ومن الذى تطاول على وكيل أعمال اللاعب لمجرد أنه طالب بحقه؟ فلا أحد يعرف!
وفى واقع الأمر، ما حدث لصلاح كان متوقعا، وسبق أن حذرت منه فى مواطن عديدة.
فقد سبق وأن تخوفت عليه من ثلاثة خصوم أو أعداء :
من «تنابلة» الداخل، ومن «غدر الإنجليز» ومن إعلام الإخوان، فإذا بالضربة تأتيه من الداخل.
بتاريخ 11 أكتوبر 2017، كتبت مقالا فى «الأهرام» وفى نفس المكان، بعنوان «مشكلة أن تكون صلاح» أعربت فيه صراحة عن تخوفى على اللاعب المبدع من حزب الفشلة والفسدة و«التنابلة» والحاقدين وأعداء النجاح.
كان ذلك بسبب أزمة صرف مكافآت منتخب مصر بعد الحصول على المركز الثانى فى بطولة الأمم الإفريقية، حيث تعالت أصوات أعضاء هذا «الحزب» للمطالبة بتوزيع فلوس المكافآت على الشعب والغلابة، رغم أن «الغلابة» أنفسهم كانوا أسعد الناس بالمنتخب وبصلاح، ولكنه الحقد والغل ولغة «التنبلة» التى سادت وسيطرت وهيمنت، وكرهتنا فى عيشتنا.
وبتاريخ، 7 مارس 2018، كتبت مقالا بعنوان «دم مريم فى رقبة بريطانيا» قلت فيه صراحة : «لا أدرى لماذا أشعر بأن قلبى متوغوش على صلاح بعد أن تجاوزت نجوميته خطوط بريطانيا الحمراء» فى إشارة إلى الصورة الذهنية الإيجابية جدا التى نجح صلاح فى تقديمها للإنجليز عن الإسلام والعرب والمصريين، وهى صورة تسير على عكس هوى مؤسسات الدولة البريطانية.
وفى أكثر من مناسبة، تحدثت، وتحدث غيري، عن الحملات «القذرة» التى أطلقتها الآلة الإعلامية للإخوان وأعداء الدولة المصرية ضد اللاعب، بعد أن صدمتهم عدة مشاهد وأخبار متلاحقة، بداية من لقاء صلاح مع الرئيس السيسي، ومرورا بتبرعه بمبالغ ضخمة لصندوق «تحيا مصر» ولأنشطة خيرية عديدة، وآخرها ما نشرته بعض وسائل الإعلام عن رفض عائلته الحديث مع «الجزيرة» بشكل مسيء للدولة المصرية.
شمتوا فيه عندما غاب عنه التوفيق، وشتموه بأقذع الألفاظ عندما بدأ يتألق فى ملاعب أوروبا ومع منتخب مصر، وتمنوا إصابته، وعندما ازداد تألق صلاح، وأصبح اللاعب الأشهر فى تاريخ الكرة المصرية، لم يعجبهم هذا، فبدأت آلتهم الإعلامية فى فرض أبوتريكة علينا فرضا، وحشروا اسمه فى كل خبر عن صلاح، وعقدوا مقارنات ظالمة بين لاعب محلى مشكوك فى وطنيته، ولاعب دولى محترف يكاد يقترب من أن يكون أفضل لاعب فى العالم، ولكن كراهيتهم لصلاح تحولت فجأة إلى حب وشفقة وحنية، فزعموا أن الدولة المصرية تقتله، ونظام السيسى يحاربه، وقادوا حملة «شتم مصر» على مواقع التواصل الاجتماعي، تماما مثلما قادوا حملة شتم مماثلة للبلد والنظام والحكومة بعد سيول «التجمع»، حملة شتم لا انتقاد، وسار فى ركبهم من سار من السذج والأغبياء ومفتقدى صفة الثبات الانفعالي، كالمعتاد.
حلوا مشكلة صلاح بالورقة والقلم، لا بالكلام والوعود، فالمسألة ليست قصة لاعب كرة، ولا عقد رعاية، ولا مزاج لاعب «اتعكر» ولا كأس عالم فى الطريق، ولكن القضية أكبر من ذلك بكثير، قضية صراع أبدى مصرى خالص بين كل ناجح وكل «بليد»!