ما تشهده المملكة العربية السعودية حاليا من نهضة فنية وسينمائية وثقافية كبري هو أمر يدعو للفخر بحق , وسنرددها دائما بأن تقدم الشعوب وتحضرها يأتي حتما من التقدم العلمي والفني والثقافي
والسعودية قد افتتحت مؤخرا أول دار عرض سينمائي في مركز الملك عبد الله المالي بالرياض , وكان فيلم الافتتاح هو " Black Panther" أو الفهد الأسود , وهو الفيلم الأكثر تحقيقا للإيرادات في تاريخ السينما العالمية حيث بلغت إيراداته مليار و273 مليون دولارا

وطبعا لن تكون دار العرض التي تم افتتاحها هي أخر السينمات في السعودية , بل هناك خطة وضعتها هيئة الترفيه السعودية تستهدف افتتاح عدد أخر من السينمات لتجتاح جميع أنحاء المملكة , كما ستشهد مدينة الرياض وحدها افتتاح حوالي 3 دور عرض للأفلام ذات تقنية رباعية الأبعاد

السعودية تبدو فعلا أنها عاقدة العزم علي اقتحام مجال السينما بكل الأشكال وعلي كل الأصعدة , وأولي الخطوات التي ستتخذها في هذا المجال أنها لن تكتفي بمجرد عرض الأفلام الأجنبية علي سينماتها وحسب , بل ستشارك بنفسها في أنتاج أفلام سعودية محلية

وربما وجدت المملكة في مهرجان " كان " السينمائي وبصفته أهم مهرجانات الدنيا , فرصتها الحقيقية لتضع من خلاله حجر الأساس في مشروعها السينمائي الجديد ، فقررت تشارك ولأول مرة في تاريخها بمجموعة من الأفلام القصيرة وسيتم عرضها أثناء دورته القادمة الـ " 71 " , والتي تنعقد في مايو الجاري , وهذا ما صرح به وزير الثقافة السعودي عواد بن صالح العواد

النهضة الفنية التي تشهدها المملكة حاليا غير مقتصرة علي السينما فقط , بل تشمل باقي الفنون الأخرى , ومن ضمنها مثلا إقامة سلسلة حفلات غنائية وقد بدأت بالمطرب تامر حسني , كما يقوم الفنان أشرف عبد الباقي بتدريب مجموعة من الفنانين السعوديين لعمل مسرح سعودي علي غرار تجربة مسرح مصر

وبقدر سعادتنا بمثل هذه الأخبار المفرحة والتي تنبأ بازدهار وعودة السينما والفن عموما في السعودية بعد غياب أكثر من 35 عاما , بقدر سعادتنا نحن أيضا لاختيار مهرجان " كان " للفيلم المصري " يوم الدين " للمخرج أبو بكر شوقي ليعرض في المسابقة الرسمية

ويتناول الفيلم وربما لأول مرة موضوع مرض الجزام ، من خلال رجل اسمه بشاي مصاب بالجزام يرحل من مستعمرة الجزام في أبو زعبل ليعود لأسرته في أحد الأقاليم المصرية ، ومن خلال ذلك يمر بالعديد من المحافظات ويشاركه في الرحلة حمار وطفل صغير يتيم

الفيلم يعد هو التجربة الأولي لمخرجه الذي درس العلوم السياسية في مصر ، كما درس السينما في نيويورك ، وكان قد سبق واخرج من قبل فيلما تسجيليا عن مستعمرة الجزام ، وهو ما أوحي له عمل هذا الفيلم الروائي الطويل " يوم الدين المختار للمستعمرة

ويقوم ببطولة الفيلم ممثلين غير معروفين ، وبطله الرئيسي ممثل هاوي وهو نفسه كان مصاب بالجزام

وما نتمناه ولكي تكمل سعادتنا للنهاية ان نري دولتنا وهي تولي الفن المصري بعض من اهتمامها مثل باقي المشاريع الأخرى , فليس من المعقول أن تذهب أفلامنا للمشاركة في مهرجانات دولية خارجية ، بينما أهم مهرجان في بلدنا وهو " القاهرة السينمائي الدولي " وبرغم ما يمثله من قيمة كبري ضمن قائمة باقي المهرجانات العالمية الأخرى , ومع ذلك مازال يستجدي فيلما مصريا ليمثلنا من خلاله ، وأن لم تتدخل الدولة بنفسها في إنتاج أفلام مشاركة به فسيبقي الوضع كما هو عليه ، ويظل المهرجان الأول لمصر وهو يستجدي وينادي .. فيلم مصري لله يا محسنين!