من بين الأمثال التى يتناقلها الناس جيلاً بعد آخر تلك الحكاية التى تتعلق بفلاح كان ساذجاً ترك الزراعة واتجه الى التنقيب عن الآثار، وكان يقول للناس إنه سوف يكتشف مقبرة فرعونية أكبر واهم من مقبرة توت عنخ آمون وبالفعل أخذ ينقب الأرض حتى حفر سرداباً كبيراً وبعد عدة أسابيع وصل لنهاية السرداب ولم يتبق أمامه سوى هدم حائط صغير ليصل إلى هدفه وظل يضرب الحائط حتى هدمه تماماً ووقف الناس من خلفه يضحكون فقد كانت المفاجأة أن نهاية الحفر والبحث والتنقيب هى «الشونة» التى كان يخزن فيها احد جيرانه محصول القمح، فالشونة فى الأرياف هى المكان الذى يستخدمونه فى تخزين المحاصيل الزراعية، ووسط هذا المشهد الهزلى انطلق واحد منهم ضاحكاً وقال بسخرية «نقبك طلع على شونة» وصارت هذه الحكاية مثلاً يردده الناس.
تذكرت هذا المثل وأنا اتابع تلك الحركة الدءوب التى يقوم بها مشتاقو المناصب فى مختلف المجالات، خاصة بعد انتشار شائعات عن تغيير وشيك فى مجلس الوزراء والمحافظين وبعض وسائل الاعلام عقب الانتهاء من اجراءات تولى الرئيس السيسى فترة رئاسية ثانية وحلف اليمين وما يصاحبها من خطوات دستورية .
فما إن سرت تلك الشائعة كالنار فى الهشيم حتى تحول «قصر الاتحادية» الى مقصد للمشتاقين وراغبى السلطة أملا من هؤلاء فى الحصول على منصب جديد أو الاستمرار فى مكانه، وذلك فى مشهد يثير الدهشة يمكن أن نطلق عليه «موسم الهجرة الى الاتحادية».
ومن خلال قراءتى للمشهد اعتقد أن نقبهم سوف يكون على شونة، لأن الرئيس الذى يبنى دولة حقيقية قد اغلق بالضبة والمفتاح تلك الطرق التى أتت من قبل بوزراء ومسئولين أثبتت الايام انهم ليسوا أكفاء وغير جديرين بالمناصب التى تولوها .
ببساطة شديدة رجال المرحلة المقبلة ستكون واسطتهم الوحيدة هى الكفاءة ومعيار اختيارهم هو امتلاك رؤية حقيقية وقدرة على الخلق والابتكار.