الأهرام
منصور ابو العزم
معجزة الصين وجوستين!
لايستطيع أحد أن ينكر أن الصين حققت على مدى الأعوام الـ40 الماضية إنجازات اقتصادية وصناعية مبهرة، نقلتها من واحدة من أفقر دول العالم ـ أو كما قال لى البروفيسور ييفولين جوستين، الذى يعد واحدا من أهم خبراء التنمية فى العالم ونائب رئيس البنك الدولى السابق، وكانت أفقر من مصر ـ إلى مصاف الدول الغنية القوية اقتصاديا وصناعيا، حتى أصبحت ثانى أكبر قوة اقتصادية فى العالم بعد الولايات المتحدة فقط، باحتياطى من النقد الأجنبى يقدر بنحو 3 تريليونات و600 مليار دولار ومتوسط دخل فرد نحو 16 ألف دولار، بعد أن كان فى عام 1979 ـ عام الانفتاح وبدء الإصلاح ـ لا يزيد على 197 دولارا سنويا، ويقدر حجم اقتصادها بنحو 11 تريليون دولار!

كل هذه المعلومات وأكثر قالها لى البروفيسور جوستين عندما التقيته منذ أيام خلال زيارته القاهرة، ويعد جوستين واحدا من أهم الخبراء الاقتصاديين، خاصة فى تجارب الدول الآسيوية الاقتصادية الناجحة، وصاحب أكثر من 32 كتابا فى هذا المجال، أهمها «معجزة الصين» و«مرحلة ما بعد المساعدات» و«البحث عن الازدهار الاقتصادى» و«التغلب على الصعاب» و«كيف تحقق الدول النامية انطلاقة اقتصادية» و«ضد الإجماع»، وغيرها.

يعتقد جوستين أن كل دولة فقيرة ومتخلفة لديها الفرصة لأن تصبح غنية ومتطورة، وأن الأمر يتوقف على سياسات حكومتها وإدارتها فى انتهاز تلك الفرصة، وأنه يتعين على الدول الفقيرة والنامية أن تبدأ بالصناعات الخفيفة أولا، ثم تتطور بعد ذلك، هكذا فعلت اليابان وكوريا الجنوبية وسنغافورة وتايوان وهونج كونج، ثم الصين.

ومتى تأتى الفرصة؟ عندما يصبح التصنيع فى الصين أو الولايات المتحدة، على سبيل المثال، مكلفا للغاية، من حيث أجور العمال والمواد الخام.. فإن الدول المتقدمة تبحث عن نقل تلك الصناعات إلى دول أقل تكلفة، هنا تأتى الفرصة، حيث تلتقطها الدول المستعدة بسياساتها الاقتصادية وتشريعاتها وتدريب عمالها، فيتم نقل بعض المصانع والإنتاج إليها، لنقل مثلا «فيتنام»، وهو مثال حقيقى وواقعى، فتبدأ الدولة الفقيرة المتخلفة تصنيع ماركات عالمية وبجودة ممتازة، وبالتالى تحقق عدة أهداف معا، أولها ارتفاع مستويات معيشة السكان، ونقل التكنولوجيا، وتعلم أساليب إدارة جديدة..

ويقول جوستين إنه منذ الثورة الصناعية فى أوروبا فى القرن الـ18 وحتى «معجزة الصين»؛ أثبت هذا المفهوم صحته!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف